(صلى الله عليه وآله) وإنما استجلبت ذلك أنا. وأمر بالحمام فذبحت (1).
وقد بلغ من أمرهم إنهم يضعون الحديث لأسباب تافهة، ومن أمثلة ذلك ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال: كنت عند سعد بن طريف فجاء ابنه من الكتاب يبكي! فقال له مالك؟ قال: ضربني المعلم. قال: لأخزينهم اليوم!
حدثنا عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: (معلمو صبيانكم شراركم، أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المساكين) (2).
والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
ولعل أحسن ما يتبين فيه موقف الملوك والخلفاء والأمراء المتأخرين هو قول الدكتور السباعي في كتابه السنة ومكانتها في التشريع: ما كان لتساهل الخلفاء والأمراء مع الوضاعين من أثر سئ جر على الدين كثيرا من البلاء، ولو وقفوا منهم موقف الجد وقضوا على رؤسائهم، كما هو حكم الله في مثل هذه الحالة، لما انتشرت هذا الانتشار، بل رأينا مع الأسف إن خليفة كالمهدي مع اعترافه بكذب غياث بن إبراهيم وزيادته في الحديث تقربا إلى هواه كافأه بعشرة آلاف درهم.
وما تقوله الرواية من إنه أمر بذبح الحمام لأنه كان سببا في هذه الكذبة، فهو مدعاة للتعجب إذا كان خيرا للمهدي أن يؤدب هذا الكذاب الفاجر ويترك الحمام من غير ذبح بدلا من أن يذبح الحمام ويترك من يستحق الموت حرا طليقا ينعم بما المسلمين.
بل نحن نرى للمهدي تساهلا آخر مع كذاب آخر هو مقاتل بن سليمان البلخي، فقد قال له مقاتل: إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس وبنيه فقال له المهدي؟ لا حاجة لي فيها ثم لم يفعل معه شيئا (3).