عود على بدء:
إنتهى القرن الأول والحديث يتناقل - في الأعم الأغلب - رواية، وكانت الأحاديث ممزوجة بفتاوى الصحابة وقضاياهم.
ولم ولي عمر بن عبد العزيز (99 - 101 ه)، وكان المحذور الذي يخشاه الخلفاء قد زال، فأمر بجمع الحديث وتدوينه رسميا، وأصدر أمره بذلك لابن حزم الأنصاري أن يجمع حديث النبي صلى الله عليه وآله، وكان محمد بن شهاب الزهري متولي عملية الجمع والتدوين.
فقد حدث معمر عن الزهري قال: كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء فرأينا إلا نمنعه أحدا من المسلمين (1) وقال أيضا: استكتبني الملوك فأكتبتهم فاستحييت الله إذ كتبها الملوك إلا أكتبها لغرهم.
ولكن لم يصلنا من هذا التدوين السلطاني أثر مكتوب، غير إن الباب فتح على مصراعيه لمن شاء، أن يكتب الحديث - غير أولئك الذين سبق ذكرهم وإنهم دونوا الحديث في أوج شدة المنع - فألف كثيرون وجمعوا من الحديث الشريف مجاميع، ولكنها لا زالت تشمل إلى جانب الحديث النبوي فتاوى الصحابة وقضاياهم.
فعلى هذا، فإن تكوين الحديث وجمعه لم يتطور تطورا جديا، ولم يحقق تقدما ملموسا إلا بعد فتح باب التدوين ورفع المنع.
قد وصلتنا أسماء جماعة ممن دون الحديث في القرن الثاني نذكر جملة منهم.
1 - أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج توفي سنة 150 ه بمكة.
2 - محمد بن إسحاق توفي سنة 151 ه بالمدينة.
3 - معمر بن راشد توفي سنة 153 ه باليمن.
4 - سعيد بن أبي عروة توفي سنة 156 ه بالمدينة.