(سنة 41) (وهو في الحقيقة عام الفرقة) جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأي كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته مرارا وقال: يا أهل العراق!
أتزعمون إني (أكذب) على رسول الله وأحرق نفسي بالنار! (والله)!!! لقد سمعت رسول الله يقول: إن لكل نبي حرما، وأن حرمي المدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيهما حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإشهد بالله إن عليا أحدث فيها، فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة (1).
ومن أحاديثه في مدح أولياء نعمته إنه نظر إلى عائشة بنت طلحة - وكانت مشهورة بالجمال الفائق - فقال: سبحان اله! ما أحسن ما غذاك أهلك! (والله) ما رأيت وجها أحسن منك إلا وجه معاوية على منبر رسول الله (2).
وهكذا فشى الوضع، وكثر الوضاعون، ودخل فيهم كل معاد للدين زنديق لم يخرج دينه الأول - يهوديا أو نصرانيا، من قلبه. وكانت نتيجة ذلك أن كثر الحديث الموضوع كثرة فاحشة.
فقد روى عن سهل بن السري الحافظ إنه قال: وضع أحمد بن عبد الله الجوبياري، ومحمد بن عكاشة الكرماني، ومحمد بن تميم الفارابي على رسول الله أكثر من عشرة آلاف حديث.
لذا يقول البخاري: أحفظ مئة الف حديث صحيح، ومائتي الف حديث غير صحيح (3).
وكان عبد الكريم بن أبي العوجاء يدس الأحاديث في كتاب جده لأمه حماد ابن سلمة وجئ به إلى محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة ليقتله، فلما أيقن بالموت قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام