بماء فتوضأ فبدأ بمياسره وقال: لأخالفن أبا هريرة (1).
وكان من إنكار عائشة على أبا هريرة الذي ذكره ابن قتيبة آنفا إنها قالت له يوما: إنك لتحدث حديثا ما سمعته من النبي (صلى الله عليه وآله)، أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار! فقال لها - كما روى البخاري وابن سعد وابن كثير وغيرهم - شغلك عنه (صلى الله عليه وآله) المرآة والمكحلة، وفي رواية: ما كانت تشغلني عنه المكحلة والخضاب، ولكني أرى ذلك شغلتي.
ورواية الذهبي إن عائشة قالت له: أكثر يا أبا هريرة على رسول الله، فكان جوابه: ما كانت تشغلني عنه المرآة ولا المكحلة ولا المدهن (2).
وكان أبو هريرة في أول إسلامه وقبله وبعده إلى أيام عمر فقيرا ولا يملك قوت بطنه، ففي حديث رواه أحمد والشيخان عن الزهري، عن عبد الرحمن بن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: إني كنت امرءا مسكينا أصحب رسول الله على ملئ بطني (3).
وقد كان عمر ابن الخطاب أول من أنعم على أبي هريرة حيث ولاه على البحرين سنة 20 ه - كما روى الطبري - وبعد ذلك بلغ عمر عنه أشياء تقل بأمانة الوالي فعزله وولى مكانه عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولما عاد وجد معه لبيت المال أربعمائة ألف درهم فقال له: أظلمت أحدا؟ فقال: لا قال: فما جئت لنفسك؟ قال:
عشرين ألفا قال: من أين أصبتها؟ قال: كنت أتجر. قال: انظر رأس مالك ورزقك فخذه، واجعل الآخر في بيت المال: ثم أمر عمر بأن يقبض منه عشرة آلاف، وفي رواية اثنى عشر ألفا.
وفي رواية ابن سعد في طبقاته إن عمر قال له: عدوا لله وللإسلام - وفي رواية عدوا لله ولكتابه - سرقت مال الله. وفي رواية: أسرقت مال الله؟