وتابع الخليفة الثالث سلفه في النهي عن متعة الحج، فقد جاء في مسند أحمد عن عبد الله بن الزبير، قال: والله إنا لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام فيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان، وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج:
أن أتم للحج والعمرة ان لا يكونا في أشهر الحج فلوا أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فإن الله تعالى قد وسع الخير. وعلي بن أبي طالب في بطن الوادي يعلف بعيرا له قال: فبلغه الذي قال عثمان فأقبل حتى وقف على عثمان فقال: أعمدت إلى سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله ورخصة رخص الله تعالى بها للعباد في كتابه تضيف عليهم فيها وتنهى عنها وقد كانت لذي الحاجة ولنائي الدار، ثم أهل بحجة وعمرة معا. فأقبل عثمان على الناس فقال: وهل نهيت عنها؟ اني لم أنه عنها، إنما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه (1).
وراعى جانب أقربائه حتى لو كان فاسقا أو شارب خمر، فولاهم على أمصار المسلمين، ولم يول أجلة الصحابة الذين هم أبصر بالسياسة وبالشريعة والدين من أولئك الصبيان الفسقة.
وقد مهد لملك معاوية ولولاه لما أتيح لمعاوية نقل الخلافة ذات يوم إلى آل أبي سفيان وتثبيتها في بني أمية.
قال الدكتور طه حسين: والشئ الذي ليس فيه شك هو ان عثمان ولى الوليد على الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاص، وولى عبد الله بن عامر على البصرة بعد ان عزل أبا موسى الأشعري، وجمع الشام كلها لمعاوية، وبسط سلطانه عليها إلى أبعد حد ممكن، بعد ان كانت الشام ولايات تشارك في إدارتها قريش وغيرها من أحياء العرب، وولى عبد الله بن سرح مصر بعد ان عزل عنها عمرو بن العاص، وكل هؤلاء الولاة من ذوي قرابة عثمان، منهم أخوه لأمه ومنهم أخوه في الرضاعة ومنهم خاله، ومنهم من يجتمع معهم في نسبه الأدنى إلى أمية بن عبد شمس، كل هذه حقائق لا