بل كان جماعة في عهده صلى الله عليه وآله يحفظون القرآن وهو عندهم مكتوب، كما يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله بن مسعود.
وهذا الأمر يتناقض مع ما ذهب إليه القائلون بالنهي عن تدوين الحديث ونسبة ذلك النهي إلى رسول الله صلى اله عليه وآله، فإنا نقول حتى وإن صح نهي النبي صلى الله عليه وآله عن تدوين حديثه الذي هو وحي يوحى، وتفسير ما غمض وتفصيل ما أجمل من القرآن الكريم، فيمكننا أن نحمل هذا النهي على أوائل البعثة النبوية خوفا من التباس القرآن بغيره، إلا إنه - وهذا مما لاشك فيه - إن العرب وبعد فترة قليلة عرفوا بذوقهم اللغوي كلام القرآن الذي يعلو كل كلام.
وكيفما كان فقد سمح رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه بكتابة حديثه في حياته بل كانت له صلى الله عليه وآله صحيفة كتبت بإشرافه المباشر، معلقة بقراب سيفه، وهي التي أعطاها صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام فاشتهرت باسم صحيفة علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقد روى عنها الشيعة والسنة أحاديث.
وهذه الصحيفة صغيرة فيها العقل ومقادير الديات وأحكام فكاك الأسير، وغير ذلك وقد أخرج عنها من العامة: البخاري في صحيحه في كتاب الديات وباب الدية على العاقلة وابن ماجة في سننه (1) وأحمد في مسنده (2).
وكتب في عهده صلى الله عليه وآله صحائف أخرى، منها:
1 - صحيفة علي بن أبي طالب، وهي كتاب ضخم، أفصح الأئمة الأطهار عليهم السلام عن ضخامة حجمها فقالوا: إنها صحيفة طولها سبعون ذراعا، أملاها رسول الله صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام، فكتبها علي بخطه.