الحديث وما ذكره من الملازمة في العقلية ممنوع لان التطهر حصل لأجل الضرورة على أن لنا المنع من الملازمة أيضا على مذهب السيد المرتضى ومذهب الشافعي من الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه ومعارض بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم فلو لم يكن قائل للتنجيس لم يكن فيه فائدة وفيه كلام ذكرناه سالفا وأيضا بما روي عن عبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير أنهما حكما بنجاسة بئر زمزم حيث وقع الزنجي فيه فمات حتى أمر نزح ماء البئر كله وبما روي عن علي (عليه السلام) إنه حكم بنجاسة البئر لولوغ الفأرة فيه حتى أوجب نزح دلاء وقد روى بعض الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه أمر نزح ثلاثين دلوا لا يقال يعارض ما ذكرتم بما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب وبما رواه في الصحيح عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الوضوء مما وقع الكلب فيه والسنور أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك يتوضأ منه أو يغتسل قال:
نعم إلا أن يجد غيره فينزه عنه لأنا نجيب عن الأول أنه ليس فيه ما يدل على العموم والسنور الكلي دخل على الغلبة إلا على الماء المطلق فيحمل على البالغ كرا جمعا بين الأدلة وهو الجواب عن الثاني: فروع [الأول] ماء (الماء) القليل قابل للانفعال عن كل نجاسة وإن كانت دما يسيرا بحيث لا يدركه الطرف كرؤس الا بر وقال الشيخ في المبسوط إن ما لا تدركه الطرف معفو عنه دما كان أو غيره وقال في الاستبصار إذا كان الدم مثل رؤس الابرام ينجس به الماء. لنا: حصول المؤثر والقابل فيوجد ألا ترى صح الشيخ بما رواه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل امتحط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إناه ولم يستبن ذلك في الماء هل يصح الوضوء منه فقال إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه ولان وجوب التحرز عنه مشقة وحرج فيكون منفيا والجواب عن الأول أنه غير دال بصريحه على صورة النزاع فإنه ليس فيه إشعار بإصابة الماء وإن كان المفهوم منه ذلك لكن دلالة المفهوم أضعف لما ذكرناه ويعارضه ما رواه محمد بن يعقوب في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى () قال سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه قال لا ولم يشترط الطهور ويحتمل أن يكون الأول معناه إذا أصاب الاناء وسئل في وصوله إلى الماء اعتبر بالطهور حسنا وعن الثاني إن اعتبار المشقة مع قيام الموجب ساقط. الثاني: أطلق المفيد وسلار بتنجيس المياه الأواني والحياض حتى أن سلارا أوجب إراقته وإن كان كثيرا وهذا الاطلاق غير واضح لنا العموم المستفاد من قوله (ع) إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ لا يقال يعارضه الأحاديث الدالة على نجاسة الأواني عند الملاقاة لأنا نقول الاطلاق هناك بناء على الغالب من صغير الاناء عن بلوغ الكرية ولأنه مقيد بما ذكرنا والحق أن مرادهما بالكثرة هنا الكثرة العرفية بالنسبة إلى الأواني والحياض التي يسقى منها الدواب وهي غالبا يقصر عن الكر. [الثالث] لو وصل بين الغديرين بساقية اتحد أو اعتبر الكرية فيهما مع الساقية جميعا أما لو كان أحدهما أقل من كر ولاقاه نجاسة فوصل بغدير بالغ كرا قال بعض الأصحاب الأولى بقاؤه على النجاسة لأنه ممتاز عن الطاهر مع أنه لو مازجه وقهره لنجسه وعندي فيه نظر فإن الاتفاق واقع على أن تطهر ما نقص من الكر بالقاء الكر عليه ولا شك أن المداخلة ممتنعة فالمعتبر أن الاتصال الموجود هنا. [الرابع] لو شك في بلوغ الكرية فالوجه التنجيس لان الأصل النقلة والاحتياط ويحتمل عدمه لأنه كان طاهرا قبل وقوع النجاسة ويشك في تنجيسه بها ولا يدفع متيقن بالشك. [الخامس] قد بينا أن الكثرة إذا تغير بالنجاسة نجس أما لو تغيره بما نجاسته عارضية كالزعفران النجس والمسك النجس فإنه لا ينجس بذلك لان الملاقي يطهر بالماء نعم لو سلبه إطلاق اسم الماء فإنه ينجسه. مسألة: لا يجوز استعمال الماء النجس في رفع الحدث ولا في إزالة النجاسة لأنه منفعل بها فكيف يعدمها عن غيره وهو إجماع وكذا كل ما منع من استعماله كالمشتبه وإن لم يكن نجسا ويجب التيمم إذا لم يوجد غيره لأنه منع من الطهارة به شرعا فكان كالعدم ولا يجوز استعماله أيضا في الأكل ولا يشرب إلا عند الضرورة لما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز بن عبد الله عن الصادق (عليه السلام) فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب وفي الصحيح عن الفضل فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب وفي الصحيح عن الفضل عن العباس عن الصادق (ع) وقد سأله عن أشياء حتى انتهى إلى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله فاصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء. فروع [الأول] لو شك في نجاسة متقين الطهارة جاز الاستعمال وبنى على النفي ولو تيقن النجاسة وشك في الطهارة بنى على النجاسة عملا بالمتيقن وتركا للمرجوح الثاني لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول وان أسندها إلى سبب بناء على ما ذكرنا من ترجح الأصل المتيقن على الخبر المظنون خلافا للحنابلة فيما إذا ذكر السبب وكذا البحث لو وجده متغيرا وشك في استناد التغير إلى النجاسة أما لو شهد عدلان بالنجاسة فالأولى القبول لان شهادة العدلين معتبرة في نظر الشرع قطعا فإن المشتري لو ادعى سبق النجاسة لثبت جواز الرد بناء على وجود العيب وقال ابن البراج: لا يحكم بالشهادة عملا بالأصل القطعي السالم عن النفي بصدقهما أما لو تعارضت البينتان في الماءين فقال في الخلاف: سقطت شهادتهما ورجع إلى الأصل وقال في المبسوط: لو قلنا إن أمكن الجمع بينهما قبلنا ونجسا كان قويا ولم يتعرض لما لا يمكن فيه الجمع والوجه فيه وجوب الاحتراز منها والحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه والقول بسقوط شهادتهما فيما يتعذر الجمع فيه لا يخلو من قوة وهو قول الحنابلة.
[الثالث] لو علم بالنجاسة بعد الطهارة وشك في سبقها عليه فالأصل الصحة ولو علم سبقها على الطهارة وشك في بلوغ الكرية أعاد لان الأصل عدمها ولو شك في نجاسة الواقع أو في كون الحيوان الميت من ذوات الأنفس بنى على الطهارة. [الرابع] لو أخبر العدل بنجاسة إنائه