بالنجاسة أولا إذ لا يعلم وصول أجزاء النجاسة إليه عملا بالأصل السالم لمن يمازجه النجاسة وعن أحمد في كراهية الطهارة بالمسخن بالنجاسة روايتان.
فرع: النجس من الجاري إنما هو المتغير دون ما عداه أما الأول فبالاجماع وبالنصوص الدالة على نجاسة المتغير. وأما الثاني: فبالأصل الدال على الطهارة السليم عن المعارض وهو المتغير والملاقاة لا يوجب التنجيس له بما يأتي وكذلك البحث في المواقف الزائد على الكر فإن المتغير إن بلغ كرا فهو على الأصل وإلا لحقه الحكم لحصول الملاقاة الموجب للتنجيس السالم عن بلوغ الكرية. مسألة: اتفق علمائنا على أن الماء الجاري لا ينجس بالملاقات وهو قول أكثر المخالفين وقال الشافعي إن كانت النجاسة يجري مع الماء فما فوقها وما تحتها طاهران واما الجرية التي فيها النجاسة فحكمها كالراكد وعن الجرية القذر الذي بين حافتي النهر عرضا عن يمين النجاسة وشمالها إن كان أقل من قلتين فهو نجس وإلا فلا وإن كانت النجاسة واقعة والماء يجرى عليها فلكل جرية حكم نفسها إن كانت أقل من قلتين نجست وإلا فلا. لنا: ما رواه الجمهور من قوله (عليه السلام) الماء كله طاهر لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته وذلك عام إلا ما أخرجه الدليل. وما رواه الشيخ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري ولان الجاري قاهر للنجاسة غالبة عليها وهي غير ثابتة ولان الأصل الطهارة فيستصحب متى يظهر دلالة تنافيه ولأنه إجماع. فروع الأول: الجريان في الماء الجاري متجدد فلا يعتبر الجرية التي فيها النجاسة بانفرادها خلافا لبعض الشافعية حيث حكموا بنجاستها إن كانت ذوي القلتين لأنه ما متصل فيدافع وفي منع استقرار الجرية الثاني: لو جرى الماء على نجاسة واقفة لم يلحقه حكم التنجيس وقال بعض الشافعية إن بلغت الجرية قتلين لم ينجس وإلا كانت نجسة وليس بجيد لما تقدم. الثالث: لا فرق بين الأنهار الكبار والصغار نعم الأقرب اشتراط الكرية لانفعال الناقص عنها مطلقا ولو كان القليل يجري على أرض منحدرة كان ما فوق النجاسة طاهرا. الرابع: الواقف في جانب النهر المتصل بالجاري حكمه له لاتحاده بالاتصال فيتناوله الأدلة ولو كان الجاري متغيرا اعتبر في الواقف الكرية. الخامس ماء الغيث حال نزوله ملحق بالجاري ويلوح من كلام الشيخ في التهذيب والمبسوط اشتراط الجريان من الميزاب لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله جعفر في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضر ذلك واستدل الشيخ على الاشتراط بما رواه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن البيت يبال على ظهره ويغسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيوضؤ من مائه ويتوضأ للصلاة فقال إذا جرى فلا بأس ونحن نمنع هذا الشرط ويحمل الجريان على النزول من السماء لعدم التقييد في الخبر ولما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه قبل أن يغسله فقال لا يغسله ثوبه ولا رجله ويصلي فيه فلا بأس لأنه لا يقال هذا يتناول حال الانقطاع لأنا نقول نحمله على غير تلك الحالة عملا بما رويناه أولا ولما رواه ابن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قلت يسيل علي من ماء المطر فأرى فيه التغير لتغير وأرى فيه آثار القذر فيقطر القطرات علي وينتضح منه علي والبيت يتوضأ على سطحه ويكف على ثيابنا فقال ما بذا بأس لا تغسله كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر وما رواه ابن بابويه عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فكيف فيصيب الثوب فقال لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه ولأنه متقاطرة يشبه الجاري فيلحقه حكمه ولان الاحتراز منه يشق وبالتخفيف يندفع المشقة أما إذا استقر على الأرض وانقطع التقاطر ثم لا قاه نجاسة اعتبر فيه ما يعتبر في الواقف لانتفاء العلة التي هي الجريان. مسألة: ماء الحمام في حياضه الصغار كالجاري إذا كان ماله مادة تجري إليها وهو يحكي عن أبي حنيفة وعن أحمد بن حنبل أنه قال قد قيل إنه بمنزلة الجاري. لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال هو بمنزلة الماء الجاري ولان الضرورة داعية إليه والاحتراز عنه ضرر عظيم فيكون منفيا ولأنه بجريانه من المادة يشبه الجاري فيلحقه حكمه وأما اشتراط المادة فلما رواه الشيخ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ماء الحمام لا بأس به إن كان لمادة ولأنه بوجودها يغير النجاسة فلا يساوى حال عدمها ويشترط عدم العلم بالنجاسة في المادة لا العلم بعدمها فإن بينهما فرقا كثيرا أما الأول فلان النجس لا يطهر بالجريان وأما الثاني فللعموم ولأنه متعذر ولأنه جرح. فروع الأول: هل يشترط الكرية في المادة الوجه ذلك لان ما قصر عنه مساو له فلا يفيد حكما ليس له. الثاني: المادة لما يؤثر في تسوية الصغير بالجاري لو اتصلت به بأنبوبة أو شبهها لا حال انقطاعها عنه. الثالث: لو كان الحوض الصغير في غير الحمام وله مادة ففي إلحاقه بماء الحمام نظر. الرابع: الحوض الصغير من الحمام إذا نجس لم يطهر بإجراء المادة إليه ما لم يغلب عليه بحيث يستولي عليه لان الصادق (عليه السلام) حكم بأنه بمنزلة الجاري ولو تنجس الجاري لم يطهر إلا باستيلاء الماء عليه بحيث يزيل انفعاله. * مسألة: قال علمائنا الماء الكثير الواقف لا ينجس بالملاقات عملا بالأصل ولأنه حرج وهو مذهب علماء الاسلام كافة وإنما الخلاف في تقدير الكثرة فذهب الشيخان والسيد المرتضى وأتباعهم إلى التقدير بالكر وهو مذهب الحسن بن صالح بن حي حكاه الطحاوي وروى التقدير القلتين وذهب الشافعي وأحمد إلى التقدير بالقلتين وقال أبو حنيفة إن كان الماء يصل بعضه إلى بعض نجس بحصول النجاسة فيه وإلا فلا وفسره أبو يوسف والطحاوي يحركه أحد الجانبين عند حركة الآخر وعدمها فالموضع الذي لم يبلغ التحرك إليه لم ينجس وقال بعضهم ما كان كل من طوله وعرضه عشرة أذرع في عمق شبر لم ينجس وإن كان أقل نجس بالملاقات للنجاسة وإن بلغ ألفا قلة. وقال المتأخرون من أصحابه الاعتبار بحصول النجاسة علما أو ظنا والحركة اعتبرت للظن فإن أغلب ظن الخلاف حكم بالطهارة له ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) إذا كان الماء