خلافا للشافعي في الحد. [الرابع] بلوغ الكرية حد لعدم قبول التأثر عن الملاقي إلا مع التغير من حيث أن التغير قاهر للماء عن قوته المؤثرة في التطهير فهل التغير علامة على ذلك فالحكم مع الغلبة أم هو المتغير الأولى الأول فلو زال التغير من قبل نفسه لم يزل حكم التنجس. [الخامس] لو وافقت النجاسة الماء في صفاته فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان متغيرا بمثلها على تقدير المخالفة وإلا فلا ويحتمل عدم التنجيس لانتفاء المقتضى وهو المتغير. [السادس] لو تغير بعض الزائد على الكر فإن كان الباقي كرا فصاعدا اختص المتغير بالتنجيس وإلا نجس الجميع وقال بعض الشافعية الجميع نجس وإن كثر وتباعدت أقطاره لان المتغير نجس فينجس ما يلاقيه ثم ينجس ملاقي ملاقيه وهكذا وهو غلط لان الباقي الكر لا ينجس بالملاقاة.
[السابع] لو اغترف من كر فيه نجاسة عينية متميزة كان المأخوذ طاهرا والباقي نجس ولو كانت غير متميزة وكان الباقي طاهرا وعلى التقدير الأول لو دخلت النجاسة في الآنية كان باطنها وما فيه نجسين والماء وظاهر الآنية طاهران إن دخلت النجاسة مع أول جزء من الماء وإن دخلت أجزاء فالجميع نجس ولو لم يدخل النجاسة في الآنية فالماء الذي فيها وباطنها طاهران وظاهرها وباقي الماء إن جعلت الآنية تحت الماء وإلا فالجميع نجس لان الماء يدخل الآنية شيئا فشيئا والذي يدخل فيها اخرا نجس فيصير ما في الاناء نجسا. [الثامن] قال داود إذا بال الرجل في الماء الراكد ولم يتغير لم ينجس ولم يجز أن يتوضأ منه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يبول الرجل في الماء الدائم ثم يتوضأ منه ويجوز لغيره وإن يغوط فيه ولم يتغير لم ينجس وجاز له ولغيره الوضوء منه ولو بال على الشط لو جرى في الماء جاز أن يتوضأ منه إذا لم يتغير لا نه لم يبل في الماء وعندنا أنه يكره البول في الماء. [التاسع] لا فرق في عدم تنجيس الكر بملاقاة النجاسة مع عدم التغير بين جميع النجاسات لعموم قوله (عليه السلام) إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ وقال أحمد إن الماء الكثير الواقف الذي يمكن نزحه كالزائد على القلتين ينجس لوقوع بول الآدميين أو عذرتهم الرطبة خاصة لقوله (عليه السلام): لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه وهو يتناول القليل والكثير وعامة الفقهاء لم يفرقوا بين البول وغيره والنهي لا يدل على النجاسة مع أنه واقف على أن بول الكلب أزيد نجاسة من بول الآدمي وإن القلتين لا ينجس بوقوع بول الكلب فأولى أن لا ينجس ببول الآدمي. الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة له سواء تعرف (تغير) أحد أوصافه أو لا ذهب إليه أكثر علماءنا وبه قال أبو حنيفة وسعيد بن جبير وابن عمرو ومجاهد وإسحاق وأبو عبيد وقال ابن أبي عقيل من علمائنا لا ينجس إلا المتغير كالكثير وهو مروي عن حذيفة وأبي هريرة وابن عامر وسعيد بن المسيب والحسن وعكرمة وعطا وطاوس وجابر بن زيد وابن أبي ليلى ومالك والأوزاعي والثوري وابن المنذر وللشافعي قولان، وعن أحمد روايتان. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شئ. ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه قال إن كانت يده قذرة فأهرقه وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه وما رواه في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يدخل يده في الاناء وهي قذرة قال يكفي الاناء.
وما رواه الشيخ في الحسن عن سعيد الأعوج قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سؤر اليهودي والنصراني قال لا وما ورآه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال إذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام. وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله قال سألته عن الكلب يشرب عن الاناء قال اغسل الاناء. وما رواه في الصحيح عن الفضل بن عباس قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فضل الهر والشاة والبقر والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلا سألته عنه فقال: لا بأس حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس لا يتوضأ بفضله واجتنبت ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وأيضا قوله (عليه السلام): الماء الذي لا ينجسه شئ ألف ومأتا رطل وقوله: إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ علق الحكم على الشرط فينتفي عند انتفائه وأيضا ما رواه ابن جابر فيما قدمناه وهو قوله سألته عن الماء الذي لا ينجسه شئ فقال: كر فيقول لو لم يكن ما دون الكر قابلا للتنجيس لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة وهو لا يجوز إجماعا ولكان توقيف الحكم على الكرية عبثا ولان النجاسة امتزجت بالماء وشاعت أجزاؤها في أجزائه ويجب الاحتراز عن أجزاء النجاسة وقد تعذر بالاحتراز عن أجزاء الماء المختلط أجزاؤه بأجزائها احتج ابن أبي عقيل بما روي عنه (ع) وهو قوله: الماء طاهر لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وبما روي عن الباقر (عليه السلام) قال سألته عن الجرة والقربة يسقط فيها فأرة أو جرذ أو غيره فيموت فيها فقال لو غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه وإن لم يغلب فاشرب منه وأتوضأ بما روي عن الصادق (ع) إنه أسقي من بئر فخرج في الدلو فأرتان فقال أرقه فاستقى آخر فخرج فيه فأرة فقال أرقه ثم استقى آخر فلم يخرج فيه شئ فقال صبه في الاناء فتوضأ وشرب وبما روي عن الصادق (ع) قال سأل عن الماء النقيع يبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا يتوضأ منه وإن لم يغيره أبوالها فتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه احتج مالك بالحديث الأول عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولان التنجيس موجب للحرج فإنه لا يمكن حينئذ تطهر شئ بالماء فإنه ينجس بملاقاة النجاسة والنجس لا يطهر والجواب عن الأول أنه ليس من الألفاظ الدالة على العموم فيحمل على الكثير جمعا بين المطلق والمقيد وعد الحديثين الآخرين بضعف السند فإن الراوي علي بن حديد وهو ضعيف مع أنه مرسل وأما الحديث الرابع فإن راويه ياسين الضرير ولا أحقق حاله فهو مدفوع ويعارض بما ذكرناه. وحجة مالك النقلية بما أجبنا به ابن أبي عقيل. وأيضا فإن ذلك ورد في بئر رضاعة بضم ا لباء وفتحها وماؤها يجري في البساتين فعلى هذا كأنه قال الماء الجاري طهور