عن النبي (صلى الله عليه وآله) سئل عن التوضي بماء البحر فقال: " هو الطهور ماؤه الحل ميته (ميتته) وعن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ماء البحر طهور هو؟ قال: نعم إحتجا بأنه نار والجواب إن أراد به أنه في الحال كذلك فهو تكذيب الحس وإن أراد صيرورته كذلك فلا نمنع الطهورية. مسألة: إذا تغير أحد أوصاف المطلق اللون أو الطعم أو الرائحة فإن كان تغيره بالنجاسة نجس سواء كان قليلا أو كثيرا جاريا أو راكدا وهو قول كل من يحفظ عنه العلم ويدل عليه الاجماع فإني لا أعرف فيه مخالفا وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال خلق الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ومن طريق الخاصة ما روى الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب ولان انفعاله بالنجاسة وتغير أوصافه بها يدل على قهرها له وإزالة قوة الماء التي باعتبارها كان مطهرا وإن كان بغيره بمرور رائحة النجاسة عليه لم تنجس لان الرائحة ليست نجاسة وإن كان تغيره بملاقات جسم طاهر فإن لم يسلبه التغير إطلاق الاسم فهو باق على طهارته ويصح التطهر به إجماعا إن لم يكن (يمكن) التحرز منه كالطحلب وما ثبت في الماء وما يتساقط من ورق الشجر النابت فيه أو يحمله الريح وكالتراب الذي أصله مطهر وكالثلج الذي أصله الماء (كالحري)؟ وكذا ما تغير الماء بمجاورته من غير ممازجته كالعود والدهن لان الموجب المتطهر هو كونه طاهرا وهو موجود مع التغير اما لو أمزج بما يمكن التحريز كقليل الزعفران فإنه باق على أصله في الطهورية إجماعا منا وبه قال أبو حنيفة وقال مالك والشافعي: لا يجوز الطهارة به. وعن أحمد روايتان لنا عموم الآية وقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) والنكرة في سياق النفي للعموم فلا يجوز التيمم مع وجود هذا الماء ولقوله (عليه السلام) لأبي ذر التراب كافيك ما لم تجد الماء ولان الصحابة كانوا يسافرون وغالب أوعيتهم الأدم وهي تغير الماء غالبا ولأنه طهور خالطه طاهر ولم تغير جنسه ولا جريانه فاشتبه المتغير بالدهن. فروع الأول: لو امتزج الماء بما يشابهه كماء الورد المنقطع الرائحة اعتبرها (فيما) يوجد فيه الرائحة فإن كان بحيث لو امتزج به مثله في المقدار سلبته الاسم منع هاهنا من الطهورية وإلا فلا. الثاني: الذائب من الثلج والبرد يجوز التطهر به وكذا بالثلج نفسه إن جرى على العضو المغسول أما الملح الذائب إذا كان أصله السبخ فلا. الثالث: لو كان معه ماء قليل لا يكفيه للطهارة وماء ورد لا يتغير إطلاق الاسم بامتزاجه فمزجه جازت الطهارة لأنه حينئذ مطلق وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى لا يجوز للعلم بأنه استعمل المضاف في الوضوء ويبطل بأنه لما لم يظهر صفة المانع بقي الاعتبار بالماء كما لو مزج ما يكفيه لطهارته بمضاف ثم استعمله وبقي قدر المضاف فإنه وافق على الصحة وهل يجب عليه المزج للطهارة أم لا نص الشيخ في المبسوط على عدم الوجوب ووجهه أنه غير واجد للماء المطلق فحصل شرط التيمم وعندي فيه نظر فإنه بعد المزج يجب عليه الوضوء به لكونه واجدا للماء المطلق فقبل المزج هو متمكن من الماء المطلق فلا يجوز له التيمم. الرابع: لو كان تغيره لطول بقائه فإن سلبه إطلاق الاسم لم يجز الطهورية ولا يخرج عن كونه طاهرا وإلا فلا بأس و لكنه مكروه ولا خلاف بين عامة أهل العلم في جواز الطهارة إلا ابن سيرين لما رواه الجمهور انه (عليه السلام) توضأ من بئر بضاعة وكان ماؤها نقاعة الحنا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الماء الآجن يتوضأ منه إلا أن يجد غيره. الخامس: لو كان على العضو المغسول طاهر كالزعفران فيغير به الماء وقت غسله فإن سلبه إطلاق الاسم لم يجز والأصح الوضوء به واعلم أنه لما كانت هذه الكيفيات الثلاث إنما يحصل عالما بالممازجة للنجاسة لا جرم كانت مؤثرة في زوال الوصف السابق من حصول الطهارة أما غيرها من الكيفيات فلا اعتبار به لأنه قد يحصل وإن لم يقع امتزاج. السادس: يكره استعمال ما أسخنه الشمس في الآنية في الطهارة وقال أبو حنيفة ومالك لا يكره وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عائشة وقد وضعت قصعتها في الشمس فقال يا حميراء ما هذا قال أغسل رأسي وجسدي قال لا تعودي فإنه يورث البرص وما رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الماء الذي يسخن الشمس لا تتوضأ به ولا تغسلوا به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص وروى الشيخ في حديث مرسل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس أن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس ومن طريق هذا الحديث محمد بن سنان وفيه قول والجمع من (بين) الأحاديث بعد تسليمها حمل النهي عن (على) التنزيه والكراهة ويدل عليها العلة التي أومأ إليها صلى الله عليه وآله الدالة على المصلحة العائدة إلى المنافع الدنيوية. فرعان، الأول: الظاهر عموم النهي ويحمل عدمه واختصاصه بما يخاف منه المحذور كالشمس في البلاد الحارة دون المعتدلة أو فيما يشبه آنية الحديد والرصاص دون الذهب والفضة لصفاء جوهرهما. الثاني: لو زالت حرارة الشمس فالأقرب بقاء الكراهة لعدم خروجه عن كونه مشمسا. * مسألة: الماء المسخن بالنار لا بأس باستعماله لبقاء ا لاسم خلافا لمجاهد وكذا ما كان مسخنا من منبعه و روى الجمهور عن شرى قال اجتنبت وانا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجمعت حطبا وأحميت الماء فاغتسلت فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله فلم ينكر وروى الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه اضطر إليه وهو مريض فأتوه مسخنا فاغتسل بل يكره تغسيل الميت منه لما روى الشيخ في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لا يسخن الماء للميت ولان فيه أجزاء نارية فلا يعجل به وقد نص أبو عبد الله (عليه السلام) على هذه العلة فيما رواه الشيخ عنه (عليه السلام) قال لا يسخن للميت الماء لا تعجل له النار وفي طريق ضعيف فإن خاف الغاسل من البرد زالت الكراهة على ما ذكره الشيخ (ره) والمفيد لان فيه دفعا للضرر ويكره التداوي بالمياه الحارة من الجبل التي يشم منها رائحة الكبريت ذكره ابن بابويه (ره) لأنها من فوح جهنم على ما روى ولا فرق بين أن يكون مسخنا
(٥)