قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله وعن عمار عن الصادق عليه السلام قال قال: يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية وعن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام: صدقة الليل تطفئ غضب الرب تعالى وتمحو الذنب وتهون الحسنات وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر. فصل: والصدقة في رمضان أكثر ثوابا ويستحب الاكثار منها فيه لأنه شهر شريف يضاعف فيه الحسنات، ولا نعلم فيه خلافا روى ابن بابويه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من فطر صائما فله أجر مثله ورواه الجمهور أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائم كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة ويغفره لما مضى من ذنوبه، فقيل له يا رسول الله كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: ان الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن ففطر بها صائما أو شربة من مال عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك. فصل: وكذلك كل وقت شريف كالجمع والأعياد وبالخصوص أوقات الحاجات لقوله تعالى (أو إطعام في يوم ذي مسغبة). فصل: والصدقة على القرابة أفضل من غيرهم بلا خلاف، قال الله تعالى: (يتيما ذا مقربة) وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله: الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الحرم اثنان صدقة وصلة وعن زينب امرأة ابن مسعود أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وآله هل لها أن تضع صدقتها في زوجها وبني أخ لها يتامى قال: نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ وابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه سئل أي الصدقة أفضل قال: على ذي الرحم الكاشح وقال عليه السلام: لا صدقة وذو رحم محتاج وقال عليه السلام ملعون ملعون من ألقى كله على الناس ملعون ملعون من ضيع من يعول. فصل: ويستحب الصدقة على من اشتدت حاجته قال الله تعالى:
(أو مسكينا ذا متربة) ولان شدة الحاجة يستلزم شدة الاستحباب. فصل: وإنما ينبغي الصدقة من فاضل قوت الرجل ومؤنة عياله على الدوام لأنه يقال ينهى عن التقدير وقال الله تعالى: (ولا تبسطها كل البسط) كل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى قائدا بمن يعول وعن الوليد بن صبيح قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه سائل فأعطاه ثم جاءه آخر فأعطاه ثم جاء آخر فأعطاه ثم جاءه آخر فقال وسع الله عليك ثم قال: إن رجلا لو كان له مال بلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقى منها شيئا إلا وضعها في حق لفعل فيبقى لا مال له فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال قلت من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في وجهه ثم قال يا رب ارزقني فيقول ألم أرزقك ورجل في بيته ولا يسعى في طلب الرزق فيقول يا رب ارزقني فيقول ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق ورجل له امرأة تؤذيه فيقول يا رب خلصني منها فيقول عز وجل ألم أجعل أمرها بيدك. فصل: ولو قصر في نفقته أو نفقة من يلزمه مؤنته أثم بالصدقة لقول النبي صلى الله عليه وآله كفا بالمرء إثما أن يضع من يقوت ولان في ذلك تقديم النفل على الواجب وهو غير جائز. فصل: فإن كان الرجل وحده أو كان له مؤنة وله كفايتهم وكان ذا كسب وأراد الصدقة بجميع ماله وثوقا منه بحسن التوكل والسعي في كسبه بقدر كفايته وكفاية من يمونه كان سائغا لقول النبي صلى الله عليه وآله وقد سئل عن أفضل الصدقة حمد من يقل إلى فقير في السر فإن فقد هذان الوصفان في الرجل كبره له التصدق بجميع ماله لما رواه جابر بن عبد الله قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ جاءه رجل بمثل بيضة من ذهب فقال يا رسول الله هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن وقال مثل ذلك فأعرض عنه ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي أحدكم بما يملك ثم يقول هذه صدقة لم يقعد يستنكف الناس خير صدقة ما كان عن ظهر غنى ومعنى قوله عليه السلام يستنكف الناس يتعرض للصدقة ويأخذها ببطن كفه ولان اخراج جميع المال لا يؤمن معه فتنة الفقير فيذهب ماله ويبطل آخره ويصير كلا على الناس. فصل: ويستحب العطاء من غير مسألة لان في المسألة إذلالا بالمؤمن روى ابن بابويه عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البقبقة وكان الرجل ممن يرجو نوافله ويؤمل نائله ورفده وكان لا يسأل عليا عليه السلام شيئا ولا غيره شيئا فقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام والله ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الأوساق وسق واحد فقال له أمير المؤمنين عليه السلام لا كثر الله من المؤمنين ضربك أعطي أنا وتبخل أنت إذا أنا لم أعط الذي يرجوني إلا من بعد المسألة ثم أعطيه بعد المسألة فلم أعطه إلا ثمن ما أخذت منه وذلك لأني عرضته أن يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عز وجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عز وجل في دعائه له حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالخطأ من ماله ذلك أن العبد يقول في دعائه اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا دعا لهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنة فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل. فصل: ويستحب التصدق أول النهار و أول الليل لاستدفاع بلاء الوقتين بها فقد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنه قال باكروا بالصدقة فإن البلايا لا يتخطاها ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم ومن تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة. فصل:
ويكره رد السائل مع القدرة لما فيه من المنع من النفع وإذلال المؤمن ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا تقطعوا على السائل مسئلته فلولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم وعن الباقر عليه السلام قال كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى عليه السلام أن قال