ان زكاة المال تجب مواساة في المال فإذا تفلت بغير تفريط خرج عن أن يكون من أهل المواساة بخلاف الزكاة هنا فإنها تجب تطهيرا فلا تسقط بالموت كالكفارة. [الخامس] لو أوصى له بعبد فإن مات الموصي بعد الهلال فالزكاة عليه لبقاء الملك عليه وقت الوجوب وإن مات قبل الهلال فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا فالزكاة على الموصى له لوجوبها في ملكه وإن قبل بعده قال الشيخ في المبسوط لا زكاة على أحد لأنه ليس ملكا لاحد وهو غير مالك وللشافعي ثلاثة أقوال ولي عليه ثلاثة أصول، أحدها: أنه مع القبول ثلاثين. لنا: أن الملك انتقل إليه الموصى فالزكاة على الموصى له حينئذ، وثانيها: أن يكون على حكم مال الميت وتملك الموصى له من حين القبول فالفطرة في حال الوصي، والثالث: أن الموصى به يدخل في الملك الموصى له يموت الموصي بغير اختيار الموصى له فالزكاة على الموصى له قيل لو لم يقبل والوجه عندي ما قاله الشافعي ثانيا: وإن كان قول الشيخ لا يخلو من قوة. [السادس] لو مات الموصى له قام وارثه مقامه في القبول فإن قبلوا قبل الهلال وجبت الفطرة وهل يجب عليهم أو في مال الموصي قال الشيخ بالأول وهو جيد لأنهم بالقبول ملكوه فكان الميت لم يملك شيئا وعلى الوجه الأول من أقوال الشافعي يكون الفطرة في مال الميت.
[السابع] لو مات وعليه دين بعد الهلال ففطرة عبده في تركته لاستقرار الوجوب عليه ويقع التحاص بينها وبين الديان مع القصور وإن مات قبل الهلال قال الشيخ لا يلزم أحدا فطرته لأنه ليس ملكا لاحد فالأقرب عندي النصر مع أصل آخر وهو أن التركة هل ينتقل إلى الورثة و يمنعون من التصرف فيها كالمرهون أو ينتقل إلى الديان استوعبها الديون أو بقدر الدين إن لم يستوعب أو يكون على حكم مال الميت لا ينتقل إلى أحد إلا بعد قضاء الدين والثاني من هذا الوجه ضعيف ويقوى الأول الميت لو كان له دين وعليه دين فجحد الدين الذي له أخلف الوارث مع شاهده ولولا الانتقال لم يكن في ذلك وأيضا لو مات بعض الورثة وخلف ورثة قبل انقضاء ثم برأ من الدين الميت كانت التركة للاحياء وورثة الميت والآية محمولة على القسمة فعلى الأول الفطرة على الورثة وعلى الثاني الزكاة على أرباب الديون وليس بالمعتمد وعلى الثالث لا زكاة. [الثامن] الولد إذا ملك ليلة العيد قوت يومه سقط عن والده نفقته ذلك اليوم فإذا لم يعلمه فيه لم تجب الزكاة عليه لعدم المقتضي وهو القيلولة ولا على الولد لعجزه. [التاسع] العبد الذي نصفه حر إذا وقعت بينه وبين مولاه مهاياة فوقع الهلال في قوله أحدهما ففي اختصاصه بالفطرة وجهان. * مسألة: ويستحب اخراجها يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى ويتضيق عند الصلاة لما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات قوله عليه السلام أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون قال قال أبو عبد الله عليه السلام الفطرة إن أعطيت قبل أن يخرج إلى العيد فهي فطرة وإن كان بعد ما يخرج إلى العيد فهي صدقة وفي الصحيح عن زرارة ويزيد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا يعطي يوم الفطر فهو أفضل ولان المراد إغناء الفقراء عن الطلب فيه والسعي وهو إتمام يتحقق بإخراجها قبل الصلاة. * مسألة: وفي جواز تقديمها على الهلال قولان قال بعض أصحابنا لا يجوز إلا على الفرض وينوي من الأداء عند الهلال مع بقاء المقتضي للوجوب وصفة الاستحقاق اختاره ابن إدريس منا وقال أكثر أصحابنا بجواز تقديمها من أول شهر رمضان لا أكثر وبه قال الشافعي وقال أحمد يجوز تقديمها قبل الهلال بيوم أو يومين خاصة وقال بعض الجمهور يجوز تقديمها من بعد نصف الشهر وقال أبو حنيفة يجوز تقديمها من أول الحول. لنا: أن سبب الصدقة الصوم والفطر معا فإذا وجد أحد السببين جاز التقديم كزكاة المال ولان في تقديمها مسارعة إلى الثواب والمغفرة فيكون مأمورا به ولان خبر حال الفقراء على القطع ومع التأخير على الشك لجواز موته أو فقره فيكون مشروعا ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير بن أعين والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: لا على الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر وعبد وصغير وكبير يعطي يوم الفطر فهو أفضل وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخر الحديث ولأن جواز التقديم يوما ويومين يقتضي جوازه من أول الشهر إذ سببه الصوم موجود هنا وأما تقديمها على شهر رمضان فغير جائز عملا بالأصل السالم عن معارضة سبب الصوم ولان تقديمها قبل الشهر تقديم للزكاة قبل السببين معا فيكون منه كتقديم زكاة المال قبل الحول والنصاب احتج ابن إدريس بأن شغل الذمة إنما يثبت بعد الهلال فيكون الأداء قبله إبراء للذمة قبل شغلها وهو باطل أو احتج بقوله عليه السلام أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم وهو لا يحصل تقديمها من أول الشهر مع أن الامر للوجوب ولما رواه البخاري عن ابن عمر قال كانوا يعطون قبل الفطرة بيوم أو يومين وهو إشارة إلى جميعهم ويكون إجماعا واحتج الجمهور لاخراجها بعد نصف الشهر بجواز الخروج من المزدلفة قبل نصف الليل واحتج أبو حنيفة بأنها زكاة مخرجة عن بدنة فإذا كان المخرج عنه موجودا جاز اخراجها قبل الوقت الموظف لزكاة المال بعد وجود النصاب والجواب عن الأول: بأن شغل الذمي في صورة التقديم غير متحقق لأنه وقت الدفع مشتغل الذمة وبعده كذلك لسقوطها عنه بالدفع المتقدم والايراد ها هنا تقديري لا أنه ثابت حقيقة وعن الثاني بأنه متروك الظاهر إذ الواجب ليس إغناء الجميع بل ولا واحد معين ومع خروجه عن حقيقته يسقط دلالته على أنه كما يقتضي المنع من تقديمها في أول الشهر يقتضي المنع من اخراجها قبله بيوم أو يومين وحديث ابن عمر نحن نقول بموجبه إذ ليس فيه دلالة على المنع من التقديم قبل ذلك