قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) ورفع أبو موسى الأشعري إلى عمر حسابا فاستحسنه فقال من كتب هذا فقال كاتبي فقال فأين هو قال على باب المسجد فقال أجنب هو قال لا ولكنه نصراني فقال لا تأتمنوهم وقد خونهم الله ولا تقربوهم وقد بعدهم الله ولان ذلك ولاية على المسلمين وقد قال الله تعالى: (وليس يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وعن أحمد رواية بجواز تولية الكافر لعموم قوله تعالى: (والعاملين) وهو ضعيف لا يقدم والعدالة معتبرة لأنه يلي مال غيره والفاسق ليس محلا للأمانة والفقه يشترط بكون علمها بقدر الواجب وعلى من يستحق الزكاة وعندي في اشتراط الحرية نظر وعمل العبد كعمل المولى مع الاذن. فرع: إنما يشترط الفقه في الزكاة خاصة لا في بقية الاحكام وعندي فيه توقف أيضا لحصول الاكتفاء لسؤال العلماء. * مسألة: وهل يجوز للهاشمي أن يكون عاملا منع الأصحاب من ذلك وللشافعي قولان. لنا: ان ما يأخذه زكاة وهي محرمة عليهم ولان الفضل بن العباس والمطلب بن ربيعة سألا النبي صلى الله عليه وآله أن يوليهما العمالة فقال فلهما الصدقة أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد وآل محمد قال الشيخ هذا مع تمكنهم من الخمس أما مع قصورهم فيجوز لهم ذلك احتج الشافعي بأن ما يأخذه أجرة عمله فكان بمنزلة الحافظ والفرق ظاهر فإن ما يأخذ العامل سهم من الصدقة. فروع: [الأول] لو تولى حيازة زكاة الهاشمي فالأقرب جواز أخذ النصب منها لأنه مسوغ له أخذ زكاة الهاشمي وكذا لو بذل له الامام أجره من غير الزكاة. [الثاني] لو تطوع بالعمالة من غير أجرة ولا سهم جاز ذلك ولا نعلم فيه خلافا. [الثالث] يجوز لمولى الهاشمي ذلك وبه قال الشافعي في إحدى الوجهين ومنع منه في الآخر وبه قال أبو حنيفة. لنا:
قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء) وهو بعمومه يتناول صورة النزاع ويؤيده ما رواه الشيخ عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يحل لمواليهم ولا يحل لهم احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وآله لأبي رافع أن الصدقة حرام على محمد وآل محمد وأن يتولى القوم من أنفسهم والجواب المنع هنا للكراهية وبالجملة العمل بعموم الآية أولى. * مسألة: والامام مخير إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة مدة معلومة وإن شاء جعل له جعالة على عمله إذا أوفى العمل دفع إليه العوض فإذا عمل العمل إستحق العوض فإن قصر النصيب عنه تمم له من بقية السهام لعموم الآية وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر من بيت المال لأنه من الصالح وإن فضل دفع الباقي إلى أهل الزكاة ولو قيل أن ذلك ليس بلازم لان الله تعالى جعل له نصيبا كان حسنا ويؤيده ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قلت ما يعطى المصدق قال ما يرى الامام ولا يقدر له شئ. * مسألة: قال الشيخ ويجب على الامام أن يبعث ساعيا في كل عام بحسابه الصدقات لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعثهم في كل عام ومتابعته واجبة وما ذكره الشيخ جيدا إذا عرف الامام أو غلب على ظنه أن الصدقة لا تجمع إلا بالعامل أما لو علم من قوم أداها إليه أو إلى المستحقين فالأقرب عندي عدم الوجوب. * مسألة:
وأجرة الوازن والكيال والناقلة على رب المال وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخرى على أهل الصدقة. لنا: أن الواجب على أرباب الأموال دفع الزكاة ولا يتم إلا بالأجرة فيكون واجبا عليهم كما وجبت على البائع احتج بأن الله تعالى أوجب في المال الزكاة فإيجاب الأجرة زيادة على الواجب والجواب: إيجاب الزكاة لا يمنع من إيجاب غيرها مع الدليل وقد قام قال الشيخ ويعطى الحاسب والوازن والمكاتب من سهم العاملين والصحيح أن حكم الوازن ما تقدم. * مسألة: قال الشيخ وليس للساعي أن يفرق الزكاة بنفسه إلا بإذن الامام وهو جيد لان الآتية مقصورة على مقبلة المال أما التفرقة فمنوط بنظر الامام فإن أذن له جاز ويأخذ سهمه لأنه أخبر ثم يفرق الباقي وينبغي أن يعرف أهل الصدقات بالاسم والنصب والحيلة ويعرف قدر حاجتهم فإذا أعطى شيئا أبيه وخلا لئلا يتكرر عليه الصدقة من غير شعور ولا ينبغي له أن يؤجر التفرقة مع الاذن بحصول الحاجة والتخلص من الغرامة لو تلفت. * مسألة: وإذا أخذ الساعي أو الامام الصدقة دعا لصاحبها قال الله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها وتزكيهم وصل عليهم) وتردد الشيخ في الوجوب فقال في الخلاف به وهو مذهب داود بن علي بن خلف الأصفهاني الظاهر الآية وقال في المبسوط بالاستحباب وهو مذهب أكثر الجمهور وهو أولى لان النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذ إلى اليمن قال له أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ترد في فقرائهم ولم يأمره بالدعاء ولو كان واجبا لذكره ولأنه براءة للذمة ولان الفقراء لو أخذوا الصدقة بأنفسهم لم يجب عليهم الدعاء فتأتيهم أولى ولان هذا أداء عبادة فلا يجب الدعاء لها كالصلاة والآية محمولة على الاستحباب ولا شئ موقت في هذا الدعاء وأي دعاء ذكره كان حسنا. * مسألة: قال الشيخ ينبغي لوالي الصدقة أن يسم نعم الصدقة من إبل أو بقر أو غنم وبه قال الشافعي وكرهه أبو حنيفة. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يسم الإبل في أفخاذها وعن أنس أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يسم الغنم في آذانها واجتماع الصحابة على ذلك ولان فيه فائدة لا يحصل بدونه وهو تميزها عن غيرها فربما شردت فيعرفها من يجدها فيردها وما رآها صاحب المال فامتنع من شرائها احتج أبو حنيفة بأن ذلك مثله والجواب فعل النبي صلى الله عليه وآله أولى. فروع: [الأول] ينبغي أن يوسم في أصله موضع واكشف لئلا يضر الوسم بالحيوان ففي الإبل والبقر على أفخاذها وفي الغنم في أصول آذانها. [الثاني] ينبغي أن يكون ميسم الإبل والبقر أكثر من ميسم الغنم لأنها أضعف. [الثالث] ينبغي أن يكتب على الميسم ما أخذت له ففي إبل الصدقة أو الزكاة وفي الحرية حرية أو صغار وينبغي أن يكتب فيها اسم الله تعالى بزكاته. * مسألة: وإذا قبض الساعي الصدقة وحملها إلى الامام أو فرقه إن كان قد أذن له في التفريق فليس له أن ينتفع منها شيئا إلا مع الحاجة والعذر كما إذا مرضت الشاة