تحقيق المذهب في ذلك وقد اتفق علماؤنا على ثبوت الزكاة أما وجوبا أو استحبابا مع شرائطه فهنا مسائل. * المسألة الأولى: الحول شرط في زكاة التجارة سواء قلنا بالوجوب أو الاستحباب وهو قول علماء الاسلام روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله بن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها فقال إذا حال الحول فليزكها ولأنه مال يثبت فيه الزكاة فيعتبر فيه الحول كزكاة العين. فروع: [الأول] لو كان عنده متاع قيمته نصاب فزاد في أثناء الحول لم يبن حول الزيادة على الأصل بل ثبتت زكاة المال عند تمام حول الاجل وفي الزيادة عند تمام حولها إذا بلغت نصابا سواء نقص في أثناء الحول لو لم ينقص وقال مالك وإسحاق وأبو يوسف وأبو حنيفة يبني حول الزيادة على حول الأصل وقال الشافعي أن نص المال لم يبن حول الزيادة على حول الأصل وإن لم ينص يبن. لنا: قوله عليه السلام لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وهو صادق على الزيادة لصدقه على الأصل احتجوا بالقياس على (الساح) والجواب قد بينا منع الحكم في الأصل. [الثاني] لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير قال الشيخ لا ينقطع حول الدراهم بل يبني حول العرض على حول الأصل وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد لان المعتبر في زكاة التجارة القيمة وهي تثبت فيها فكانا كالمال الواحد ولان العلة في إيجاب الزكاة النمو وهو إنما يثبت في حال التجارة بالتقليب والمبادلة فلو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي وجب فيه الزكاة لأجله مانعا. [الثالث] قال الشيخ رحمه الله لو اشترى بنصاب من غير الأثمان مثل خمس من الإبل أو ثلثين من البقر أو أربعين من الغنم استأنف الحول لأنه مردود إلى القيمة بالدراهم والدنانير لا إلى أصله وللشافعي قولان. لنا: أنه مال لم يحل عليه الحول فلا يجب فيه الزكاة قال الشيخ وإذا كان معه سلعة ستة أشهر ثم تلفها بني على حول الأصل لان له ثمنا وثمنه من جنسه. [الرابع] لو اشترى سعلة للتجارة بسلعة للعيبة جرت في الحول من حين انتقالها إليه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وقال مالك لا يجزي في الحول حتى يكون ثمنه عينا. لنا: عمومات الأدلة المقتضية لثبوت الزكاة في عروض التجارة يدل على صورة النزاع ولأنه شراء للتجارة فوجب أن يجري في الحول كما لو اشتراه بالعين احتج بأن زكاة التجارة تبع لزكاة العين وبمجرد النية لا يجب كما لو ورث أو غنم أو استوهب ونوى به التجارة والجواب: الفرق بأن الصور التي ذكرتموها لم يؤخذ فيها إلا مجرد النية وهيهنا وجدت التجارة مع النية قطعا. [الخامس] عروض التجارة بين حول بعضها عن بعض فلو كان في يده عرض للتجارة يثبت فيه الزكاة إن قام في بلده ستة أشهر ثم اشترى به عرضا آخر للتجارة وأقام في بلده ستة أشهر أخرى ثبت الزكاة بخلاف إذا ما بادل أحد النصب بغيره من جنسه ومن غير جنسه لان الزكاة هناك تجب في العين وههنا الاعتبار بالقيمة وكذا العراض المال بنى حول العرض. [السادس] زكاة التجارة تثبت في كل حول وبه قال بعض أصحابنا والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي و أحمد وقال مالك لا يزكيه إلا لعام واحد وبه قال قوم من أصحابنا. لنا: أنه مال ثبت فيه الزكاة في الحول الأول لم ينقص ولم يتبدل صفته فيثبت به الزكاة في الحول الثاني كما لو نص في أوله وكزكاة العين. [السابع] لو اشترى سلفا في أوقات متعاقبة فإن كانت قيمة كل واحدة نصابان كل سلعة عنه تمام حولها وإن لم يكن شئ منها نصابان كل سلعة عنه تمام حولها وإن لم يكن شئ منها نصابا وكان المجموع نصابا زكاة إذا حال عليه أجمع الحول ولو كان الأول نصابا وليس الباقي كذلك فكل ما حال عليه الحول ضم إلى الأول وزكى كالمال الواحد. * المسألة الثانية: ويشترط في ثبوت الزكاة بلوغ النصاب وهو قول علماء الاسلام فلو ملك دون النصاب وحال عليه الحول لم يثبت الزكاة إجماعا وهو يشترط وجود النصاب في جميع الحول أم لا فالذي عليه علماؤنا اشتراط وجوب النصاب في جميع الحول فلو كان في ابتداء الحول دون النصاب ثم كمل نصابا زاد قيمة السوقية أو بما يبلغ نصابا أو ملك عرض آخر للتجارة حتى بلغ النصاب اعتبر بالحول منذ كمل النصاب وكذا لو ملك التجارة نصابا ثم نقص في وسطه الحول ثم بلغ نصابا في آخره فإنه لا اعتبار بذلك بل المعتبر حولان الحول على نصاب كامل فيه قال من الشافعية أبو العباس بن شريح وأحمد وقال الشافعي المعتبر بلوغ النصاب آخر الحول وبه قال مالك وقال أبو حنيفة يعتبر النصاب طرفي الحول. لنا: أنه ناقص عن النصاب فلا يثبت فيه الزكاة ولا يعيد عليه الحول كزكاة العين ولأنه مال يعتبر له الحول والنصاب فيجب اعتباره كمال النصاب في جميع الحول كغيره من الأموال ولأنه لو وجبت الزكاة مع نقصانه في وسط الحول لوجبت في الزيادة المتحدة إذا لم يحل عليه الحول احتجوا بأنه يشق التقويم في جميع الحول فيسقط اعتباره والجواب: لا نسلم ثبوت المشقة مع المعرفة بالأسواق وقيم المبيعات خصوصا للمقارن النصاب فإنه يسهل فيه التقويم أما غير المقارن فلا يحتاج إلى التقويم لو سلم فالمالك يأخذ بالاحتياط كما لو قلنا في زكاة العين أو براءة الذمة على ما تقدم. فروع: [الأول] لو نقصت السلعة عن النصاب من يوم وحال عليها الحول على النقصان فلا زكاة إجماعا فلو زادت القيمة بعد شهر وبلغت نصابا لم يثبت الزكاة حينئذ بل ابتدأ بالحول من حين البلوغ وقال أبو علي بن أبي هريرة يجب فيه الزكاة لأنه يصيبه أول للحول بعد الشراء الشهر لان شرط الزكاة قد وجد وهو خطأ لان الحول الأول لم يبلغ فيه نصابا فسقط حكمه فيه واستؤنف به الحول. [الثاني] وعلى مذهبنا فالبحث أظهر لو اشترى شقصا للتجارة بعشرين فحال عليه الحول وهو يساوي بأنه وقد حال عليه الحول في الزيادة أيضا فعليه زكاة بأنه فإذا قدم الشفيع أخذ بالعشرين لان الشفعة تملك في حال الاخذ بها فالثمن الأول. [الثالث] لو اشترى شقصا فحال عليه الحول ثم وجد به عيبا فرده به ثبت الزكاة عليه لان الرد استحداث زوال ملك لا إبطال الملك من رأس. [الرابع] لو باع السلعة في أثناء الحول قال
(٥٠٧)