اليوم لم يكن هناك مسايفة تبطل الصلاة، وعن الثاني: بظهور الفرق بين حالتي الشدة وعدمها وكذا بين الطعن والضرب وبين الصياح والحدث للحاجة إلى الأول دون الباقي ومما يوجب التعجب أن أبا حنيفة اختار من الصلاة المشهورة ما نقلها مع اشتمالها على أفعال كثيرة منافية للصلاة ومبطلات كثيرة من استدبار القبلة والقتال في حال يستغني عنه وشرع ذلك مع أن الحال لم يبلغ إلى ما يخرج إليه ومنعه في حال لا يقدر إلا عليه مع نص الله تعالى في الترخص في هذا الحال وقول الشافعي باطل لأنه عمل أبيح من أجل الخوف فأشبه استدبار القبلة والركوب والايماء ولان أحد الأمور ثابت على تقدير أخذ السلاح إلى الفعل الكثير وهو إما تأخير الصلاة عن وقتها أو ترك القتال أو فعل الصلاة و الأول باطل بالاجماع بيننا وبينه، والثاني: باطل لقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وبالإجماع على عدم لزوم ترك القتال فبقي الثالث ومع الجواز لا بطلان. فرعان [الأول] لو لم يتمكن من الايماء حال المسايفة جعل عوض كل ركعة تكبيره صورتها سبحان الله و الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وذلك يجزيه عن القراءة والركوع والسجود لما تقدم في حديث زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم وحديث الحلبي وما رواه الشيخ عن عبد الله ابن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال أقل ما يجزي في حد المسايفة من التكبير تكبيرتان لكل صلاة إلا المغرب فإن لها ثلاثا وفي الموثق عن زرعة قال سألته عن صلاة القتال؟ فقال: إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة حينئذ التكبير وإذا كانوا لا يقدرون على الجماعة وقوفا فالصلاة إيماء ورواه في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام وروى ابن بابويه عن أبي عبد الله عليه السلام قال فات الناس مع علي عليه السلام يوم صفين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فأمرهم فكبروا وهللوا وسجدوا رجالا وركبانا. [الثاني] يجوز أن يصلي صلاة شدة الخوف جماعة رجالا وركبانا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز. لنا: الآية والخبر ولم يفرق وبعموم الامر بالجماعة ولأنها حالة يجوز فيها فعل الصلاة مع الانفراد فيجوز فيها والجماعة لركوب السفينة. احتج أبو حنيفة بأنهم إذا كانوا ركبانا كان بينهم وبين الامام من طريق وذلك يمنع من الجماعة والجواب: قد تقدم أن الطريق ليس مانعا. * مسألة: كل من أسباب الخوف يجوز معه فعل صلاة الخوف وشدة الخوف سفرا كان من لص أو سبع أو غرق أو غير ذلك لقوله تعالى: (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) دل من حيث المنطوق على خوف العدو ومن حيث المفهوم على ما عداه من المحرمات وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قلت وما تقول إن خاف من سبع أو لص كيف يصلي؟ قال: يكبر ويؤمي برأسه وما رواه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يلقى السبع وقد حضرت الصلاة ولا يستطيع المشي مخالفة السبع فإن أقام يصلي خاف في ركوعه وفي سجوده السبع والسبع أمامه على غير القبلة فإن توجه إلى القبلة خاف أن يثب عليه الأسد كيف يصنع قال فقال يستقبل الأسد ويصلي ويؤمي برأسه إيماء وهو قائم وإن كان الأسد على غير القبلة وعن إسحاق بن عمار عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام في الذي يخاف السبع أو يخاف عدوا يثب عليه أو يخاف اللصوص يصلي على دابته إيماء الفريضة وفي الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقفة إيماء على دابته قال قلت أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول؟ قال: ليتيمم من لبد سرجه أو من معرفة دابته فإن فيها غبارا ويصلي ويجعل السجود أخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه. فروع: [الأول] قال بعض علماؤنا التقصير في عدد الركعات إنما يكون في صلاة الخوف من العدو أو في السفر أما غيرهما فلا فالخائف من السبع وشبهه يتم عنده وفيه تردد. [الثاني] لو هرب من العدو أو من السبع أو من الحريق أو من السيل وما أشبهه بحيث لا يمكنه التخلص منه بدون الهرب فله أن يصلي صلاة شدة الخوف في حال هربه سواء خاف على نفسه أو أهله أو ماله وكذا الأسير و المختفي في موضع ولو كان المختفي قاعدا لا يمكنه القيام أو مضطجعا لا يمكنه الجلوس صلى على حسب حاله ولا إعادة عليه وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن وقال الشافعي يعيد وليس بجيد لأنه خائف صلى على حسب ما يمكنه فلا إعادة عليه كالهارب ولا فرق بين السفر والحضر. [الثالث] لو أمكن التخليص من المخوف كالهارب من السيل يصعد ربوة والخائف من عدو يمكنه دخول حصن يؤمن فيه من العدو فيصلي فيه ثم يخرج لم يرخص لان الضرورة المبيحة تزول. [الرابع] العاصي يهربه كالهارب من حق توجه عليه والقاطع للطريق واللص ليس له أن يصلي صلاة شدة الخوف لان الموجب للترخص ثبوت الدفع عن النفس في محل مباح فلا يثبت بالمعصية. [الخامس] لو صلى ركعة صلاة الخوف ثم أمن أتم صلاة الامن وكذا العكس صلاة خائف لزوال الموجب للترخص أو حصوله وكماله الترخص أو زواله في الابتداء كذا في الأثناء عملا بالاستحباب.
[السادس] لو صلى راكبا ركعة صلاة شدة الخوف فأمن ترك وأتم صلاة أمن بشرط أن لا يستدبر القبلة ولا يخل بشئ ء من الواجبات في حال نزوله فإن استدبروا وأخل بطلت صلاته ولو صلى على الأرض ركعة صلاة أمن ثم خاف ركب وأتم وقال الشافعي تبطل صلاته وفرق بين النزول والصعود لان الركوب فعل كثير بخلاف النزول وقال في كتاب الأم يبني على صلاته في الحال وما ذكره ليس بجيد لأنه فعل مأذون فيه شرعا فلا يكون مبطلا ولان الفعل فعل الكثير سقط اعتباره في نظر الشرع في صلاة شدة الخوف ولأنه قد يكون الرجل فارسا