قال: النفخ مطلقا لا يبطل إلا أن يكون مسموعا ولأحمد في السجود خاصة. لنا: أنه كلام فكان مبطلا احتج أبو حنيفة بأنه متى لم يسمع لم يعد كلاما واحتج أحمد بما رواه عبد الله بن عمر وقال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ووصف صلاته إلى أن قال ثم نفخ في سجوده فقال أف أف.
والجواب عن الأول: أنه إن أراد ما لا يسمعه الانسان من نفسه فليس بنفخ وإن أراد ما لا يسمعه الغير فهو ممنوع إذ ما أبطل الاجهار به أبطل الاسرار به كالكلام، وعن الثاني: لعل النفخ لم يكن بحرفين. [الثالث] لو تنحنح بحرفين وسمى كلاما أبطل الصلاة وإلا فلا وقال بعض الجمهور لا تبطل الصلاة مطلقا لان عليا عليه السلام قال كانت لي ساعة في السحر أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان في صلاة تنحنح وكان ذلك إذنا وإن لم يكن في الصلاة أذن لي رواه الحلال بإسناده والوجه عندي اعتبار اسم الكلام. [الرابع] قال الشيخ لو تأوه بحرفين أبطل الصلاة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إن تأوه من خشية الله تعالى لم يفسد صلاته ولو كان بحرفين ويبطلها لو كان لغير ذلك و كذا الخلاف في الأنين. لنا: أنه مع تسميته كلاما يدخل تحت عموم النهي وقد روى الشيخ عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: من أن في صلاته فقد تكلم ويحمل ذلك على الاتيان بحرفين احتج أبو حنيفة بأن الله تعالى وصف إبراهيم عليه السلام بالأواه فكان ذكرا والذكر غير مبطل و الجواب: المدح لا يقتضي جواز فعله في الصلاة كالمدح على الأفعال الكثيرة الحسنة المنافية للصلاة كالكلمة الطيبة. [المطلب الثاني عشر] لا بأس بأصناف الكلام الذي يناجي به الرب تعالى لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتكلم في الصلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه قال نعم وعن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أسمي الأئمة عليهم السلام في الصلاة؟ قال: أجملهم ومن هذا الباب كل ذلك يقصد به تنبيه غيره. * مسألة: ويجب عليه ترك الضحك في الصلاة لا التبسم فلو قهقه عمدا بطلت صلاته سواء بان حرفان أو لا وهو مذهب أهل العلم كافة وكذا الاتفاق في وقع على أن التبسم لا يبطل الصلاة عمدا وسهوا وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قهقه فليعد صلاته وعن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله قال: القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء رواه الدارقطني ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة وفي الموثق عن سماعة قال سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة قال: أما التبسم فلا يقطع الصلاة وأما القهقهة فهي تقطع الصلاة. * مسألة: ويجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصلاة فلو فعله عامدا بطلت صلاته وهو قول أهل العلم كافة لأنه يخرج به عن كونه مصليا والقليل لا يبطل الصلاة بالاجماع روى أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وآله قتل عقربا وهو يصلي وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلي المكتوبة؟ قال: يقتلها وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون في الصلاة فرأى الحية والعقرب يقتلهما إن آذياه قال: نعم وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقتل البقة والبرغوث والقملة والذباب في الصلاة أتنقض صلاته ووضوئه؟ قال:
لا ولم يحد الشارع القلة والكثرة فالمرجع في ذلك إلى العادة وكل ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فعلوه في الصلاة وأمروا به فهو من خير القليل كقليل البرغوث والحية والعقرب وكما روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يحمل أمامة بنت العاس فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها. فروع: [الأول] قتل الحية والعقرب في الصلاة غير مكروه خلافا للنخعي. لنا: رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه أمر بقتل الأسودين في الصلاة ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث. [الثاني] روى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن تحمل المرأة صبيها وهي تصلي فترضعه وهي تتشهد وعن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيرى (فيقرء) حية بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟ قال: إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها وإلا فلا. [الثالث] روى الشيخ عن زكريا الأعور قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلي قائما وإلى جانبه رجل كبير ويريد أن يقوم معه ومعه عصا له فأراد أن يتناولها فانحط أبا الحسن عليه السلام وهو قائم في صلاته فتناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته. [الرابع] لا بأس أن يعد الرجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشئ يكون معه من الحصا وشبهه وعليه علماؤنا أجمع بشرط أن لا يتلفظ بل يعقده في ضميره وليس مكروها وبه قال أهل العلم كافة إلا أبا حنيفة فإنه كرهه وكذا الشافعي. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه عد الفاتحة في الصلاة وقطعها والنبي صلى الله عليه وآله لا يفعل مكروها وعنه عليه السلام أنه كان يسبح ثلاث تسبيحات وهو إنما يكون بالعدد وعن أبي الدرداء قال إني لأدعو في صلاتي بسبعين رجلا من إخواني ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن المغيرة أنه قال عليه السلام لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتم أو بحصى بأحد يديه فيعد به احتج القائلون بالكراهية بأنه عمل ليس من الصلاة فكان مكروها كمسح الوجه والجواب: الفرق موجود إذ هو وإن لم يكن من أعمال الصلاة لكن فيه غرض مطلوب شرعا وهو حفظ الركعات عن السهو بخلاف مسح الوجه. [الخامس] البكاء جائز في الصلاة إن كان خوفا من الله تعالى وخشية من النار لا يقطعها عمدا ولا سهوا وإن كان لأمور الدنيا لم يجز وأبطل الصلاة سواء غلب عليه أو لا وتدل على جواز الأول قوله تعالى: إذا تتلى عليه آيات الرحمن