وترك واحتج الشافعي بعدم النقل عن النبي صلى الله عليه وآله في القنوت في غير الصبح وعن الصحابة. والجواب عن الأول: أن رواية محمد بن معلى عن عتبة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع وهؤلاء كلهم ضعاف عند أهل الحديث، وعن الثاني: أنه متروك لخبر أنس ويحتمل أن يكون قوله وترك أبي الدعاء على القوم وكذا هو في حديث أنس، وعن الثالث: أن النقل موجود في حديث البراء وأبي هريرة وعلي عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام. * مسألة: ويتأكد استحبابه في الفرائض وآكدها فيما يجهر لرواية ابن مسكان فيهما ما يجهر فيه وروى الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟ فقال: كل شئ يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة ويتأكد من الجهر من الجهريات في الغداة والمغرب لرواية سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
* مسألة: ويستحب في المفردة من الوتر قبل الركوع وبعده لا نعرف فيه خلافا لما رواه الجمهور عن أبين (أبى) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يقول في آخر وتره: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ومن طريق الخاصة رواية ابن مسكان وسماعة أن الوتر مما يجهر فيه وحديث سعد بن سعد وعن أبي بكر سمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي: قل في قنوت الوتر " اللهم غفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة " وقال يجزيك من القنوت ثلاث تسبيحات وعن أحمد بن عبد العزيز عن بعض أصحابنا قال كان أبو الحسن الأول (ع) إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: " هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس لذلك إلا دفعك ورحمتك فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه وآله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون طال هجوعي وقل منامي وهذا السحر وأنا استغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضررا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ثم يخر ساجدا وروى ابن بابويه عن أبي حمزة الثمالي قال كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في آخر وتره وهو قائم رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت وهذه يداي جزاء بما صنعت ثم قال يسبط يديه جميعا قدام وجهه ويقول هذه رقبتي خاضعة لك لما أتت قال ثم تطأطأ رأسه ويخضع برقبته ثم يقول وها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى لك العتبى لا أعود لا أعود لا أعود قال وكان والله إذا قال لا أعود لم يعد وروى أبن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يقول في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك سبحانك رب البيت استغفرك وأتوب إليك وأومن بك وأتوكل عليك لا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم " ورواه الجمهور عن الحسن بن علي عليهما السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
فروع: [الأول] القنوت في الوتر مستحب في جميع السنة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال ابن مسعود وإبراهيم النخعي والحسن البصري وأصحاب الرأي وأحمد في أقوى الروايتين وقال في الأخرى: أنه لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان وروى الجمهور عن علي عليه السلام وبه قال أبي بن كعب وابن سيرين وأبي هريرة ومالك والشافعي. لنا: رواية أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول كذا ولفظه كان للمداومة ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: القنوت في كل الصلوات ولأنه وتر ويشرع فيه القنوت كالنصف الآخر من رمضان ولأنه ذكر شرع في الوتر فيشرع في جميع السنة كغيره من الاذكار. [الثاني] يجوز القنوت في الوتر قبل الركوع و بعده لما رواه عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر، قال: ليس عليه شئ وقال إن ذكر وقد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يده على الركبتين فليرجع قائما فليقنت ثم ليركع وإن وضع يده على ركبتيه فليمض في صلاته وليس عليه شئ فهذه الرواية تدل على أن القنوت قبل الركوع ورواية بعض أصحابنا عن أبي الحسن موسى عليه السلام تدل على أنه بعد الركوع وكلاهما حسن. [الثالث] ليس في قنوت الوتر شئ موظف لان الوتر نافلة يقصد به تعظيم الرب يقال والاستعطاف فيجوز لكل صنف يتخيره المصلي ولان النبي صلى الله عليه وآله نقل عنه أذكار مختلفة في القنوت وهو دليل عدم الانحصار. ومن طريق أهل البيت عليهم السلام ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما أقول في وتري؟ قال: ما قضى الله على لسانك وقدره ولأنهم عليهم السلام اختلف الروايات في أذكارهم فدل على عدم التوظيف. * مسألة: وفي الجمعة قنوتان أحدهما:
في الأول قبل الركوع والثاني: في الثانية بعد الركوع على خلاف فيه بين علمائنا وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى. * مسألة: والقنوت مستحب في جميع الصلوات فلو أخل به عامدا أو ناسيا لم تبطل صلاته ذهب إليه أكثر علمائنا وقال ابن بابويه القنوت سنة واجبة ولو تركه عمدا أعاد لقوله تعالى:
(وقوموا لله قانتين) وروى ذلك ابن أذينة عن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القنوت في الجمعة والوتر والعشاء والعتمة والغداة فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له وبه قال ابن أبي عقيل ولا أعلم خلافا في أنه لو تركه نسيانا لم تبطل صلاته. لنا: الأصل عدم الوجوب فلا يصار إلى خلافه إلا بدليل ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يقنت تارة وترك أخرى وهو دليل على عدم الوجوب وما رواه الشيخ عن عبد الملك بن عمر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال: لا قبله ولا بعده وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت إن شئت فاقنت وإن شئت لا تقنت واحتجاجهم بالآية ضعيف لأنه يتضمن وجوب الدعاء قائما والامر المطلق لا يقتضي التكرار ولأنه دل على وجوب القنوت ورواية وهب محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة. * مسألة: ومحل القنوت قبل الركوع وعليه علماؤنا وبه قال أبي وابن مسعود وأبو موسى والبراء وابن عباس وأنس وعمر بن عبد العزيز وعبيدة و عبد الرحمن بن أبي ليلى ومالك وأبو حنيفة وقال الشافعي أنه بعد الركوع.