وشمالا وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد إذا كان الالتفات فاحشا وإن كنت قد تشهدت فلا تعد. فرع: لو ألتفت إلى ما وراءه ناسيا لم يعد صلاته لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. * مسألة:
ويجب عليه ترك الكلام في الصلاة فلو نطق بحرفين فصاعدا عمدا بطلت صلاته لا سهوا وقد أجمع أهل العلم كافة على أن من تكلم في الصلاة عالما أنه فيها وأنه محرم عليه لغير مصلحة الصلاة ولا لأمر يوجب الكلام ولا داعيا يبطل صلاته وهذه المسألة تشتمل على مطالب الأول إبطال الصلاة بما قد أجمعوا عليه بما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن هذه الصلاة لا يصلح شئ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن وعن زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة تكلم أخذنا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام رواه مسلم ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال: كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام وأراد بذلك أنه ليس بكلام مبطل وهو يدل على البطلان بما لا يناجي به الرب تعالى. [المطلب الثاني] لو تكلم في الصلاة جاهلا بتحريم الكلام في الصلاة بطلت صلاته خلافا للشافعي: لنا: أنه متكلم متعمدا فبطلت صلاته كالعالم والجهل ليس بعذر في التكاليف بل الأولى فيه وزيادة العقوبة بالإعادة احتج الشافعي بأن الكلام قد كان سائغا لحديث زيد والنسخ إنما يثبت في حق من يعلم به وبما رواه معاوية بن حكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذا عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت و؟ أشكل؟ أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلونا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيناهم يسمتون سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما تزجرني ولا تشمتني ولا ضربني ثم قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير والقراءة القرآن فلم يأمره بالإعادة.
والجواب عن الأول: بالمنع من تسويغ الكلام ولو سلم لكن النسخ لا يتوقف على العلم به وإلا دار بل على ورود الشرع مع إمكان العلم به وعن الثاني:
أن التسميت عندنا جائز فالناقض هو الكلام الثاني وفي قول النبي صلى الله عليه وآله أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس أمر بالإعادة. [المطلب الثالث] لو تكلم متعمدا لمصلحة الصلاة بطلت صلاته عندنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايات وفي الأخرى: أنها لا تبطل وبه قال مالك والأوزاعي وفي الثالثة: أن صلاة الامام المتكلم لا يفسد ويفسد صلاة المأمومين الذين تكلموا.
لنا: عموم الأحاديث الدالة على النهي وما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: التسبيح للرجال التصفيق للنساء ولو كان الكلام جائزا لتنبيه الامام لاستغنى عن التسبيح ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلاة؟ فقال: إن قدر على ماء عنده يمينا وشمالا بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثم ليصلي ما بقي من صلاته وإن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته ولأنه كلام ليس من الصلاة فأشبه غير المتعلق بمصلحتها احتجوا بما رواه أبو هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟
فأقبل على القوم فقال: أصدق ذو اليدين فقالوا نعم، فأتم ما بقي من صلاته وسجد وهو جالس بعد التسليم والجواب: أن هذا الحديث مردود لوجوه، أحدها: أنه يتضمن إثبات السهو في حق النبي صلى الله عليه وآله وهو محال عقلا وقد بيناه في كتب الكلام، الثاني: أن أبا هريرة أسلم بعد أن مات ذو اليدين بسنتين فإن ذا اليدين قتل يوم بدر وذلك بعد الهجرة لسنتين وأسلم أبو هريرة بعد الهجرة بسبع سنين واعترض على هذا بأن الذي قتل يوم بدر ذو الشمالين واسمه عبد بن عمر بن فضلة الخزاعي وذو اليدين عاش بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ومات في أيام معاوية قال ويسرة بذي خشب واسمه الخرباق والدليل عليه أن عمر بن حصين روى هذا الحديث فقال فيه فقام الخرباق فقال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ وأجيب بأن الأوزاعي روى فقال فقام ذو الشمالين فقال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ وذو الشمالين قتل يوم بدر لا محالة وروى الأصحاب أن ذا اليدين كان يقول له ذو الشمالين رواه سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام، الثالث: أنه قد روى في هذا الخبر أن ذا اليدين قال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال كل ذلك لم يكن وروي أنه عليه السلام قال: إنما أسهو لأبين لكم وروي أيضا أنه قال لم أنس ولم يقصر الصلاة. [المطلب الرابع] لو تكلم عامدا لمصلحة لا يتعلق بالصلاة بطلت صلاته ذهب إليه علماؤنا كما لو خشي على ضرر صبي؟ للتردي في الهلكة أو رأى حية ونحوها يقصد غافلا أو نائما ولا يمكنه التنبيه بالتسبيح وبه قال الأوزاعي وسعيد بن المسيب والنخعي وحماد بن أبي سليمان وبعض الشافعية وقال أحمد وبعض الشافعية لا تبطل الصلاة بذلك. لنا: عموم الأحاديث الدالة على النهي وما رواه الجمهور عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء وأن الله قد أحدث أن لا يكلموا في الصلاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة؟ فقال: يومي برأسه ويشير بيده والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلي تصفق بيدها وعن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال في رجل يصلي ويرى الصبي يحبو إلى النار والشاة تدخل البيت لتفسد الشئ قال فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبني على صلاته ما لم يتكلم احتج المخالف بأنه كلام واجب والجواب: المنع من كون الواجب غير مبطل. [المطلب الخامس] لو تكلم في الصلاة مجيبا للنبي صلى الله عليه وآله بطلت صلاته وإن كان واجبا خلافا