إنما يعلم بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) فالنبي صلى الله عليه وآله اتاهم بالقرآن بلغة العرب فادعوا أن رجلا من العجم تعلمه فأكذبهم الله تعالى وقال هذا ظاهر الذين يضيفون إليه المتعلم أعجمي والذي آتاكم به لسان عربي فلو استويا في كونهما قرآنا لم ينكر عليهم ما ادعوه و إذا لم يكن قرآنا لم يكن مجزيا لقوله (ع) لا صلاة إلا بقرآن وقوله (ع) لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وأيضا روى عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال إني لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فماذا أصنع فقال له سبحان الله والحمد لله فلو كان معنى القرآن مجزيا لأوجب (ع) القراءة بأي لسان كان أو الاتيان بمعناه وإن أخل بلفظه ولأنه ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يصلي بالعربية وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وفعل ذلك بيانا للواجب فكان واجبا احتج المخالف بقوله تعالى: (لأنذركم به ومن بلغ وإنما ينذر كل قوم بلسانهم) ولقوله تعالى: (إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى) وقوله: (انه لفي زبر الأولين) وتلك لم يكن بالعربية ولأنه تعالى حكى عن نوح قوله: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) ولم يقولوا ذلك بالعربية إلا أنهم لما حكى المعنى عنهم أضاف القول إليهم وذلك يقتضي أن من غير عن القرآن بالفارسية يكون عبارته قرآنا والجواب عن الأول: أنه إذا فسره لهم كان الانذار بالمفسر دون التفسير ولان الانذار بالقرآن لا يستلزم نقل اللفظ بعينه فإنه لو أوضح لهم المعنى قيل أنه أنذرتهم به بخلاف صورة النزاع وعن الثاني: إنا نعلم أن القرآن بعينه لم يكن في تلك اللغة بل معناه والمجاز قد يصار إليه لقرينة وقيل أنه أراد صفة محمد صلى الله عليه وآله وذكر شريعته في الصحف الأولى وهو الجواب عن الثالث. * مسألة:
ولو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلم بالعربية وهو قول كل من أوجب القراءة بها لان القراءة واجبة وهي متوقفة على التعلم فيكون واجبا ولو أخذ به مع المكنة بطلت صلاته لأنه غير قارئ مع إمكانه ولو ضاق الوقت قرأ ما يحسن وتعلم لما يستأنف بلا خلاف لأنه حال لا يتسع للزيادة على ما يعمله فيقتصر عليه وجوب التعلم في المستقبل لامكانه. فروع: [الأول] لو لم يحسن القراءة وعجز عن التعلم أو ضاق الوقت قرأ من غيرها ما تيسر لقول النبي صلى الله عليه وآله فإن كان معك قرآن فاقرأ به وهل يجب أن يأتي سورة كاملة الحق عندنا نعم إنها واجبة مع الحمد فلا يسقط بقرائتها لعذر وهل يجب أن يأتي بسورة أخرى عوض الحمد الأقرب لا ولو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه وهل يجب عليه أن يقرأ بعدد أيها الأقرب أنه لا يجب خلافا لبعض الشافعية لأنها بدل عندهم. [الثاني] لو لم يحسن إلا آية واحدة منها قرأها واجتزأ بها لان الآية منها أقرب إليها من غيرها وهل يكررها سبعا الأقرب عندنا أنه لا يجب خلافا لأحمد والقولان للشافعي. لنا: ما رواه الجمهور عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله وهلله وكبره فلم يأمر بالتكرار بل اقتصر على ما معه. [الثالث] لو لم يحسن إلا بعض آية منها هل يجب قرائتها أم لا؟ فيه تردد ينشأ من أمر النبي صلى الله عليه وآله للأعرابي أن يحمد الله ويكبره ويهلله وقوله الحمد الله بعض آية ولم يأمر بها ولا اقتصر عليها ومن قوله (ع) فإن كان معك قرآنا فاقرأ به والأقرب اعتبار الاسم إن كان ذلك البعض يسمى قرآنا قرأ به وإلا فلا. [الرابع] لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبر الله وهلله وسبحه ولا يقرأ بالمعنى لأنه غير قرآن فيدخل تحت قوله (ع) فإن كان معك قرآنا فأقرأ به وإلا فاحمد الله وهلله وكبره والمعنى ليس بقرآن. [الخامس] قال الشيخ في الخلاف إذا لم يحسن شيئا من القرآن ذكر الله وكبره ولا يقرأ معنى القرآن ولم نجد ذلك وقال بعض الجمهور يجزي ما علمه النبي صلى الله عليه وآله رجلا قال يا رسول الله إني لا أستطيع أن أخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني؟ فقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال هذا لله فما لي قال تقول اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني وعافني وقال بعض الشافعية لا بد مع الكلمات المقدمة من كلمتين ليقوم العدد سبقا مقام الحمد وليس بجيد لان النبي صلى الله عليه وآله اقتصر عليه في معرض السؤال عن الاجزاء والجواب يتضمن إعادة السؤال أما لو قيل بالاستحباب تحصيلا للمشابهة كان وجها. [السادس] يجوز إن لم يحفظ أن يقرأ في المصحف وهو قول أكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة تبطل الصلاة به إذا لم يكن حافظا. لنا: ما رواه الجمهور عن عائشة أنه كان يؤمها عبد لها يقرأ في المصحف رواه الأثرم وأبو داود وعن الزهري كان خيارنا يفعلونه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسين بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله (ع) قلت له ما تقول في الرجل يصلي و هو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه؟ قال: لا بأس ولان القدر الواجب هو القراءة محفوظة كانت أو لم تكن احتج أبو حنيفة بأنه عمل كثير فيكون مبطلا وبما رواه ابن عباس قال نهانا أمير المؤمنين علي (ع) أن نؤم الناس في المصاحف وإن يؤمنا إلا محتلم والجواب عن الأول: أنه من أعمال الصلاة فلا يكون مبطلا ولأنه نظر إلى موضع معين فلم تبطل الصلاة به كما لو كان حافظا وعن الثاني أن النهي لتقديم المفضول فلا يتناول صورة النزاع. * مسألة: الأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه لان القراءة معتبرة وقد تعذرت فتأتي ببدلها وهو حركة اللسان ولا يكون بدلا إلا مع النية واكتفى في أحد القولين فإنه قال فيه ليس أن يقرأ سورة مع الفاتحة في الأخيرين. لنا: ما رواه الجمهور عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في الركعتين الأولتين من الظهر بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) ويقرأ الرجل في الأخيرتين