إذا صلى وحده الفاتحة الكتاب وروى في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وإن شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء احتج الشافعي بما رواه عن أبي بكر أنه صلى المغرب وقرأ في الأخيرة بأم الكتاب وهذه الآية: (ربنا لا تزغ قلوبنا..) والجواب فعله ليس بحجة مع معارضة لفعل النبي صلى الله عليه وآله واتباع النبي صلى الله عليه وآله أولى مع أنه يجوز أن يكون قد طلب بهذا الدعاء لا القرآن. * مسألة: ولا يتعين الحمد في الثالثة والرابعة من الفرائض بل يتخير المصلي فيها وفي التسبيح أيهما فعل أجزأ ذهب إليه علماؤنا وبه قال أبو حنيفة والنخعي وقال الشافعي وأحمد يجب الحمد في كل ركعة وقال مالك يجب في معظم الصلاة فإن كانت ثلاثية وجبت في الأولتين وإن كانت رباعية ففي ثلاث وقال أحمد يجب في ركعة واحدة. لنا: ما رواه الجمهور عن علي (ع) أنه قرأ في الأولتين وسبح في الأخيرتين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال كان أمير المؤمنين علي (ع) إذا صلى يقرأ في الأولتين من صلاته الظهر سرا أو يسبح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء وكان يقرأ في الأولتين من صلاة العصر سرا ويسبح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء وكان يقول أول صلاة أحدكم الركوع وما تقدم من حديث عبيد بن زرارة ولان القراءة لو تعينت في الأخيرتين ليس فيها الجهر كالأولتين احتج الشافعي بما رواه أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في أولتين الظهر بأم الكتاب وسورتين ويقرأ في الاخرتين بأم الكتاب والجواب: لا منافاة بين فعل النبي صلى الله عليه وآله وما اخترناه لان التخيير لا يقتضي سقوط القراءة لان للمصلي أن يقرأ وأن يسبح أيهما شاء فعل وطعن الحنابلة في حديث علي بأن الرواية لحرث بن الأعور وقد قال الشعبي أنه كان كذابا باطل لان المشهور من حال الحرث الصلاح وملازمته لعلي (ع) ورواية الشعبي فالمعلوم منه الانحراف عنه (ع) وملازمته لبني أمية ومباحثته لهم حتى عد في شيعتهم وأيضا فقد تواتر النقل عن أهل البيت (عل) بما ذكرناه فلا عبرة بمخالفته ولأنهما محل التخفيف ولهذا سقط أصلا في بعض الفرائض كالصبح وفي السفر وسقطت السورة فيهما فكان التخيير مناسبها. فروع: [الأول] لا فرق بين القراءة والتسبيح في الفضل للمنفرد لثبوت التخيير بينهما والحكم (بالفرق) ينافي التخيير بين الراجح والمرجوح ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن حنظلة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الركعتين ما أصنع فيهما؟ فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء قال قلت فأي ذلك أفضل؟ قال: هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت قرأت. [الثاني] الأفضل للامام القراءة وللمأموم التسبيح لأنه ربما يأتي مسبوق فلو لم يقرأ الإمام فخلت صلاة المسبوق من قراءة لجواز أن يسبح هو والأولى للمأموم التسبيح وقت قراءة الإمام ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل وروى محمد بن حكيم قال سألت أبا الحسن (ع) أيما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال: القراءة أفضل وحمله الشيخ على الامام جمعا بين هذه الرواية ابن حنظلة وعن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين؟ قال: الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وإن شئت فسبح. [الثالث] اختلف أصحابنا في المجزي من التسبيح فقال المفيد (ره): يجزي أربع تسبيحات أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر واختاره الشيخ في الاستبصار وقال في المبسوط والجمل هو مخير بين القراءة وعشر تسبيحات صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات ويقول عقيب الثالثة والله أكبر وبه قال ابن أبي عقيل والسيد المرتضى في المصباح وابن إدريس وقال في النهاية اثني عشر تسبيحة يضف قوله والله أكبر إلى الثلاث وقال أبو الصلاح يتخير بين الحمد وثلاث تسبيحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وقال حريز بن عبد الله السجستاني في كتابه تسع تسبيحات أسقط التكبير وكرر التسبيح والتحميد والتهليل ثلاثا وبه قال أبو جعفر بن بابويه والأقرب الأول. لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال: أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويكبر ويركع وهذا نص في الباب وفي الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) إذا قمت في الركعتين لا تقرأ فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر و هذا يدل على الاجتزاء بذلك الكتاب أوجبنا التهليل لرواية زرارة فيبقى سقوط ما زاد مستفادا منهما وقوله (ع): لا تقرأ ليس نهيا له عن القراءة بل نهى بمعنى غير كأنه قال غير قارئ فيكون حالا ولان الأصل براءة الذمة وقول حريز رواية في كتابه عن أبي جعفر (ع) قال: لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام، قال وقلت فما أقول فيهما؟ قال: إن كنت إماما فقل سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم تكبر وتركع وإن كنت خلف إمام فلا تقرأ شيئا من الأولتين وأنصت لقرائته ولا يقولن شيئا في الاخرتين فإن الله عز وجل يقول للمؤمنين: (وإذا قرئ القرآن) يعني في الفريضة خلف الامام (فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون) والأخيرتان تابع الأولتين والنهي ها هنا متوجه على من يعتقد وجوب القراءة فقال (ع): لا تقرا يعني معتقدا وجوب القراءة على التعيين وهذه الرواية محمولة على الفضيلة لما قدمناه من الرواية وقد روى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر؟ قال: تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وإن شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء فما تضمنه هذه الرواية من الاستغفار الأقرب أنه ليس بواجب لرواية زرارة. [الرابع] الأقرب أن
(٢٧٥)