وإلا فهو استحاضة. لنا: انه دم حيض قد احتبس فلا يتعقب حيض ما لم يفصل الطهر بينهما وبين هذا الدم والموجود قبل الوضع فروقا. السادس لو تخلل النفساء بين الدمين ولم يتجاوز أكثر النفاس فالجميع نفاس تقضي الصوم الذي فعله عند الانقطاع وهو قول أبي حنيفة وللشافعي فيما إذا رأت الدم العائد يوما وليلة بعد طهر خمسة عشر يوما قولان، أحدهما: انه حيض وهو قول أبو يوسف ومحمد لان الدم فصل بينهما طهر صحيح فلم يضم أحدهما إلى الآخر والثاني هو نفاس وبه قال أبو حنيفة وهو إحدى الروايتين عن أحمد وهو قول عطاء والشعبي لأنهما دمان في زمان أيام النفاس فكانا نفاسا كما لو تخلل بينهما أقل من خمسة عشر وفي الرواية الأخرى عن أحمد أنه مشكوك فيه فتصوم فيه وتصلي وتقضي الصوم أما ما صامته في زمن الطهر فقد نص أحمد على أنه صحيح لا قضاء فيه. لنا: انه دم في زمن النفاس فكان نفاسا كالأول وكما لو اتصل ومع ثبوت أنه نفاس كانت أيام النقاء كذلك لأنها لا يفصل ما لم يكمل أقل الطهر وهو عشرة. السابع لو لم يعد إلا بعد العاشر أختص النفاس بأيام الدم وكانت أيام النفساء طهرا لان النفاس هو الدم ولم يوجد صورة ولا حكما أما القائلون من أصحابنا بأن أكثر النفاس ثمانية عشر لو رأت ساعة بعد الولادة ثم انقطع عشرة أيام ثم رأته ثلاثة أيام فإنه يحتمل أن يكون حيضا لأنه بعدد أيامه بعد طهر كامل و أن يكون نفاسا لأنه في وقت إمكانه فعلى الأول لو رأته أقل من ثلاثة كان دم فساد لأنه أقل من عدد الحيض بعد طهر كامل فكان فسادا وعلى الثاني يكون نفاسا ولم يقف لهم على نص في ذلك. الثامن لو ولدت ولم تر دما إلا يوم العاشر فهو النفاس خاصة ومما قبله طهر وما بعده استحاضة لما قلناه من أن النفاس هو الدم وإن حده عشرة أيام ولو لم تر في العشرة دما ثم رأت بعدها فإن استمر ثلاثة فهو حيض ولا نفاس لها ان أيامه قد أنقضت بغير دم وإن كان أقل فهو استحاضة إلا أن يعيد قبل انقضاء العشرة الثانية ويكمل ثلاثة فإنه يكون حيضا عند القائلين بالتلفيق. التاسع المعتادة في الحيض لو كانت ذات جفاف ثم ولدت واستحيضت جرت على عادتها في الحيض خمسة من كل شهر ونفست عشرا ثم طهرت شهرا مرتين أو مرات ثم استحيضت رجعت إلى عادتها في الحيض ولم ينتقل بتغير الطهر.
العاشر لو ولدت ولم تر الدم إلى خمسة عشر يوما ثم رأته فعندنا ليس بنفاس إذ النفاس قد خرج وعند القائلين بأن أكثره ثمانية عشر يوما يكون نفاسا وللشافعي فيه وجهان. الحادي عشر لا اعتبار بعبادتها في النفاس عندنا لما بيناه خلافا لأكثر الجمهور فعلى قولهم لو كانت عادتها في النفاس ثلاثين فولدت فرأت الدم عشرين ورأت الطهر عشرة أيام من عادتها ثم رأت الدم حتى تجاوز الأربعين في قول من يجعل الأربعين حد الأكثر قال أبو يوسف يكون نفاسها ثلاثون وقال محمد نفاسها عشرون وأبو يوسف تختم النفاس بالطهر خلافا لمحمد. الثاني عشر القائلون باعتبار العادة فيه اختلفوا فيما يزيد عليها فعند الشافعي إن كانت معتادة يرد إليها ثم يحكم بالطهر بعد العادة وعلى قدر عبادتها ثم يبتدي حيضها قال ولو ولدت مرارا وهي ذات جفاف ثم ولدت واستحيضت فهي كالمبتدأة وعدم النفاس لا يثبت لها عادة كما أنها لو حاضت خمسا وطهرت ستة وهكذا مراد ثم استحيضت فلا نقول الدور ستة بل أقصى ما يرتقي إليه الدور تسعون يوما وهو ما ينقضي به عدة الأول وما فوقه لا يؤثر فيه العادة وفي المبتدأة قولان تقدما والمميز حكمها حكم الحائض في شروط التميز إلا أن الستين ها هنا بمنزلة خمسة عشر وفي المتحيرة قولان أحدهما ترد إلى الاحتياط وفي الآخر إلى المبتدأة. الثالث عشر لو ولدت توأمين فما بعد الثاني نفاس قطعا ولكنهم اختلفوا فذهب علمائنا إلى أن أوله من الأول وآخره من الثاني وبه قال أبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي وأبو طيب الطبري وبعض الحنابلة فعلى هذا لو رأت الدم بعد الأول عشرة كان نفاسا وولدت بعد العشرة بلا فصل حتى جاوز دمها إلى العشرة كان نفاسها عشرون وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين ان النفاس كله من الأول اوله وآخره فعلى هذا لو ولدت الثاني عقيب مضي أكثر النفاس لم يكن نفاسا وقال زفر ان ابتدائها وانتهائها من الثاني فلم تجعل ما قبل الولادة الثانية نفاسا لنا: ان الثاني دم يعقب ولادة فلا ينتهي قبل انتهاء مدة النفاس كالمنفرد احتج أبو حنيفة بأن أوله من الولد الأول لما بيناه فيما سلف فأخره منه كالمنفرد والجواب الفرق ظاهر لتكثر الولادة الموجبة لتعدد أيام النفاس في الصلاة الثانية دون الأولى واحتجاج زفر والجواب عنه قد مضى. مسألة: وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها ويكره ويباح ويسقط عنها من الواجبات ويستحب تحريم وطيها وجواز الاستمتاع بما دون الفرج لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم وإنما يتفارقان في أقل أيامه فلا حد له ها هنا وفي أكثره على رأي بإنقضاء العدة فإن الحيض علة بخلاف النفاس إذ المقتضي للخروج من العدة إنما هو الوضع وبالدلالة على البلوغ فإنه يحصل بالحيض دونه لحصوله بالحمل قبله وخالف الحنفية في انقضاء العدة به فجعلوه علة فعلى هذا إذا طلقها بعد الولادة ثم قالت بعد ذلك انقضت عدتي وقال أبو حنيفة لا تصدق في أقل من خمسة وثمانين يوما وفي رواية عنه لا تصدق في أقل من مئة يوم وفي أخرى لا تصدق في أقل من مئة وخمسة عشر يوما وقال أبو يوسف لا تصدق في أقل من خمسة وستين وفي قول محمد لا تصدق في أقل من أربعة وخمسين يوما وساعة وهذه المسألة تبنى عندهم على أن الدمين إذا امتدا وفي الأربعين كان ذلك كله نفاسا في قول أبي حنيفة وفي قول صاحبه