يسل الدم فلتتوضأ ولتصل ولا غسل عليها قال فإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقى فإن عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات وتحتشي وتصلي وتغتسل للفجر وتغتسل للظهر والعصر وتغتسل للمغرب والعشاء الآخرة وبما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل ولتستوثق من نفسها وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفد الدم فإذا نفد اغتسلت وصلت وهذا التفصيل قاطع للشركة وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام وقد تقدمت لأنا نقول أن إيجاب الغسل لا يمنع إيجاب الوضوء مع كل غسل ولا مع كل صلاة لما تقدم من قوله عليه السلام كل غسل لا بد معه من الوضوء إلا غسل الجنابة وقوله التفصيل قاطع للشركة مسلم فإن ذات دم القليل يقدم على الصلاة في الوضوء لا غير وذات الكثير به وبالغسل معا فانقطعت الشركة لا يقال ان رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام تنافي هذه الآية قال تغتسل عند صلاة الظهر وتصلي الظهر والعصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الفجر وهذا يدل على تعقيب الفعل للغسل فلا يجب الوضوء لأنا نقول أنه من حيث المفهوم دال على ما ذكرتم وما قدمناه من احتياج كل غسل (للوضوء) لا وضوء منطوق فكان العمل به أولى على أنه يمكن حمل الصلاة على المعنى الشرعي وحر (هو) مفهومها حينئذ الوضوء وفي طريق الرواية علي بن فضال وفيه قول. الثاني حكم النية ها هنا حكم نية الحيض في الوضوء والغسل معا. الثالث إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرا لان الاستحاضة حدث يبطل الطهارة بوجوده فمع الاتيان بما ذكر من الوضوء حالة القلة والأغسال حالة الكثرة يخرج عن حكم الحدث ويجوز لها استباحة كلما يشترط فيه الطهارة كالصلاة والطواف ودخول المساجد وقراءة العزائم وإباحة الوطي ولو لم يفعل ذلك كان حدثها باقيا وهل يصح صومها حينئذ قال أصحابنا يجب عليه القضاء كذا قال الشيخ في المبسوط. الرابع قد بينا أن المستحاضة لا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد على الأشهر عندنا وقال الشافعي لا تجمع بين فريضتين وتجمع بين الفريضة وما شاءت من النوافل وقال أبو حنيفة وأحمد تجمع بين فريضتين في وقت واحد وتبطل طهارتها بخروج وقت الصلاة وقال ربيعة ومالك وداود لا وضوء على المستحاضة وقال الأوزاعي والليث تجمع بطهارتها من الظهر والعصر. الخامس انقطاع دم الاستحاضة ليس بموجب للغسل فلو اغتسلت ذات الدم الكثير وقت الصبح ثم انقطع الدم وقت الظهر لم يجب الغسل واكتفت بالوضوء ولو كان الدم الكثير سائلا مفرطا في غسل الصبح اجتزأت بغسل واحد للظهر والعصر مع الوضوئين ولو أرادت قضاء الصبح حينئذ كفاها الوضوء اما لو أرادت قضاؤه قبل الظهر وجب أن تغتسل ولا يكفيها غسل صلاة الظهر وإن أوقعته قبل الزوال بشئ يناسب تقديم غسل الصبح لصلاة الليل وكذا ليس لها ان تقدم غسل الزوال عليه ولا غسل الغروب عليه. مسألة: المستحاضة مع الأفعال يجوز وطئها ذهب إليه علماؤنا وبه قال أكثر الفقهاء وقال أحمد يحرم وطئها إلا أن يخاف على نفسه الوقوع في محذور وهو اختيار ابن سيرين والشعبي والنخعي والحكم أما مع عدم الأفعال فالذي يعطيه عبارة أصحابنا التحريم لنا على الإباحة قوله تعالى تطهرن فآتوهن وذلك عام وما رواه الجمهور عن حمنة بنت جحش انها كانت مستحاضة وكان زوجها طلحة يجامعها وكانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها عبد الرحمن بن عوف يجامعها وقد سألت النبي صلى الله عليه وآله من أحكام المستحاضة فلو كان حراما لبينه لهما ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وهذه يأتيها بعلها إلا في أيام حيضها عن المستحاضة وما رواه في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ولا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلا في أيام حيضها وأما ما يدل على اشتراط الأفعال فما رواه الشيخ في الموثق عن فضيل وزرارة عن أحدهما عليهما السلام في المستحاضة فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها أن يغشاها ولا ريب أن الصلاة لا تحل إلا مع الأفعال فكذا المعلق معه بحرف الشرط وما رواه عن مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام في المستحاضة ولا يغشها حتى يأمرها فتغتسل ثم يغشاها إن أراد وما رواه سماعة قال وإذا أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل واحتج أحمد بما روي عن عائشة أنها قالت المستحاضة لا يغشاها زوجها ولان لها أذى فيحرم وطئها كالحائض الممنوع وفيها بالأذى لترتب الحكم عليه بقاء التعقيب المشعر بالعلية والجواب عن الأول باحتمال أن يكون ذلك باجتهاد منها لا نقلا عن الرسول صلى الله عليه وآله فلا يكون حجة وأيضا يمكن أن يكون المراد لا يغشاها زوجها في أيام أقرائها أو مع الاشتباه فإن الصيغة ليست للعموم وعن الثاني ان ما ذكرتموه مفهوم فلا تعارض للمنطوق سلمنا لكن يمكن ترتيب الحكم على أذى الحيض لا على كل أذى خصوصا مع قوله: (فإذا تطهرن فآتوهن) وهذا يدل بمنطوقه على تحليل الوطي لا يقال يمنع اشتراط الأفعال فإن الله تعالى قال: (فإذا تطهرن فأتوهن) وقال: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم) ذلك يدل على عموم التحليل ولان رواية ابن سنان تدل على الإباحة مطلقا ولان الوطي لا يشترط فيه خلو الموطوء من الحدث كالحائض إذا انقطع دمها والجنب ولان الأصل الحل وقد سلم عن المعارض فيعلم به وأيضا فإن رواية زرارة غير دالة على مطلوبكم لان الظاهر أن المنع لما كان من الحيض كان الحل بالخروج منه كما يقال لا يحصل الصلاة في المغصوب فإذا خرج حلت أي زال الغصب وإن افتقر إلى الطهارة ورواية ابن أعين تحمل إنه أداء غسل الحيض لأنا نقول ما ذكرتم من الآيات لا يدل من حيث المنطوق على العموم إذ ليست هذه الصيغ موضوعة له ولو سلمناه لكن
(١٢١)