حنيفة النعمان، وإذا انتهى ذكر الحكم وتفصيل الخلاف، ذكرت المصطلح بعبارة وجيزة.
وسبكت معنى الألفاظ مع الاختصار في محله سبكا، لو رآه السبكي لأقر أني سبكت إبريزه. وقابلت بأداء النصب تمييزه. أو لو رأى مجموعه الحسن بن حبيب لتلفع من مروط محاسنه بمرطين، أو ابن بهرام لشنف آذان الثريا من جواهر عقوده - إذا حقق المناط - بقرطين: أو ابن الصيرفي لظهر له الفرق ما بين الدرهم والدينار في الصرف، ولا عطى المواثيق والعهود أن انتقاده يعجز عن أن يأتي فيه بتزييف حرف، أو الشلقامي لعلم أن في كلامه - على رأي أهل المساحة. شلقمة ولتحلى بحالته المرة، وروى أحاديث كؤوس ورده عن علقمة، أو ابن الزلباني لقلى نفسه بنار دهنه ودهن ناره المشتعلة، ولحرق بأصابعه لجين ألفاظه، التي جهد أن يقلبها إبريزا، فما قعد منها إلا في شباك وسلسلة، أو الشريف الجرواني لقال: والله هذه مواهب إلهية، وفوائد سنية، ونقود ذهبية، يتعامل بها من الان في الديار المصرية، والممالك الاسلامية، وإنه لكتاب ختمت به كتب أهل هذه الصناعة. وأرجوا أن يكون واسطة عقدهم، ورابطة مقتضياتهم، التي إليها يرجعون في حلهم وعقدهم. ما تأمله منصف خبير، فأمعن فيه نظرا، ورأي وجه المناسبة فيه بين المسائل الفقهية والوثائق الشرعية وجها مقمرا، إلا تيقن أن طرفه الساري إلى أبواب هذا الكتاب واثق من معروف مؤلفه، وبشره بصباح عنده يحمده السرى، ويقول - إذا طالع ما اشتمل عليه من الفوائد -: لاجرم أن كل الصيد في جوف الفرا.
وقد عزمت على أن لا أدع في باب من أبوابه فرعا يتعلق بمقصود إلا ذكرته بقصد حصول الفائدة. والتزمت أني لا آتي على لفظ ركيك، ولا كلمة ذات معنى غريب، إلا نبهت على معناها، وأشرت إليه بحسب الامكان على القاعدة سائقا ما لا يستغنى الكتاب عنه في الجملة، من تناسق مقصده في غاية، أو مناسبة بين كلمة وكلمة في بداية أو نهاية.
وبنيت المقصود منه على قواعد وأصول، ورتبته على أبواب الفقه، وقسمت الأبواب إلى فصول، وأضفت إلى كل باب منها ما يتعلق به من المقتضيات التي هي في حكمه، ليسهل تناولها، وضعا للشئ في محله الذي وضع برسمه.
وقدمت بين يدي ذلك كله مقدمة كلها نتائج، وموضوع منطوقها يشتمل على ذكر ما هو شرط في الشاهد، وما ينبغي أن يتصف به من يريد الدخول في الباب، فلا يكون عنه خارج، وما أمكن أن أسكت عن ذكر الحلى التي ذكرها مهم، اعتمادا على وجودها