بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي، وهو حسبي. ونعم الوكيل رب يسر بجودك الشامل، وتمم بفضلك الكامل.
الحمد لله الذي جعل مدار الأحكام الشرعية على صحة إداء الشهادة. وميز بها مقادير أهل الرتب العلية. فتميزوا عند الحكم العدل تميزا جرى به قلم القدرة والإرادة.
(وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) (الأعراف، 172) وهذا أول دليل على أن الشهادة بالحق عنوان السعادة، وحيث أقروا بوحدانية، وصدقوا رسوله، واتبعوا النور الذي أنزل معه، حصلوا من هديه على النظر والمعرفة التامة النافية للجهالة، بكمالات الرقي في مراتب السيادة، وكذلك أطلق بتنفيذ ما خصهم به من المزية على غيرهم من الأمم ألسنة الأقلام في المحابر، وأثبت لهم الحجة بالتعديل في الكتاب المسطور، إثباتا عرفوا إصداره وإيراده، من قوله الله جل اسمه في كتابه العزير (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (البقرة، 143) وناهيك به من وصف جمع الله به لعدول هذه الأمة طارف الفضل وتلاده.
أحمد حمد عبد عرى إيمانه بالله وثيقة، ومواهب نعمه عليه من مزيد شكره إياه مستفادة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة، الاخلاص بها نافذ الحكم في الجنان واللسان، ما مضى الامر بأدائها في البداءة والإعادة. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي اشتغلت ذمة علماء أمته من تقرير أحكام شريعته بحق صحيح شرعي وجب العمل به، وأراد الله إبرام حكمه وإنفاذه. فمن ائتمر بما به أمروا، وانتهى عما عنه نهوا:
حصل من شروط الوفاء على صحة الدعوى وجرى من عوائد اللطف في القضاء على أجمل عادة. صلى الله عليه وآله وصحبه الذين أعلم لهم في مكتوب المبايعة تحت الشجرة - تلو رسم شهادتهم بنبوته ورسالته - علامة الأداء والقبول. وأعلمهم بما ثبت عنده من أن الله وعده أن ينصر بهم عباده. ويفتح على أيديهم معالقه وحصونه وبلاده.
وبشرهم مع ذلك بقوله: (* إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة