المال، وكتب بذلك إشهاد، ثم اعترف مستحق نصف رأس المال بقبض بظاهر المكتوب.
وكتب بعد ذلك إبراء وقصد الحكم بالابراء والقبض.
ومنها: إذا صالح إنسان على حصته من ميراثه بمبلغ حال قبل أن يعلم مقدار حصته من التركة، وكتب بالمبلغ المصالح به إشهاد، ثم بعد مدة قبض المبلغ المصالح به بظاهر الاشهاد، وأراد ثبوته والحكم بموجبه على حاكم يرى بطلان هذا الصلح.
فجميع ما ذكر من هذه الصور وما أشبهها للحاكم فيه نظر.
وإذا شهد الشاهد في مسودة بصداق، أو عتق، أو وقف، أو وصية، أو غير ذلك، فليكتب فيها جميع ما يتعلق بالواقعة مستوفى، ثم يكتب التاريخ، ويكتب رسم شهادته، ويكتب رفيقه، ويستكتب من حضر الواقعة، ولا يهمل ذلك، فإنه ربما احتيج إلى الشهادة بتلك القضية، وتعذر حضور الشاهدين الواضعين رسم شهادتهما فيها، أو أحدهما، بسفر أو موت، فلا يوجب من يشهد بذلك، أو لا يوجد من يشهد على خط المتعذر، عند من لا يراه، أو ترفع القضية إلى من لا يرى الحكم بالشاهد واليمين، فيبطلها، فيفوت المقصود، وهذا من باب الاحتياط والتحرز.
ولا يستشهد في قضية من لا يعرفه، ولا من لا تعرف له عدالة، خصوصا فيما لا تجوز الشهادة فيه إلا بعدلين، كالنكاح، والطلاق، والعتق، وما أشبه ذلك.
وإذا كان الجماعة من لا يعرف المرأة، وفيهم من يعرفها، فليشهد عليها من يعرفها.
وإذا وقعت قضية مشكلة فلا يستبد بالنظر فيها واحد من الجماعة، بل يشاور فيها أصحاب الرأي والمعرفة من جماعته ورفقته وغيرهم، فإنه قد يكون فيهم من يعرف أصل القضية، إما بصلاح، فيزداد وضوحا، وإما بفساد، فيجتنب القضية، ويسلم من تبعتها وتعبها، ويكون ذلك أخلص له.
وإذا أشكل على الشاهد أمر تدبر وتذكر، ولا يشهد إلا على مصل الشمس الطالعة، مع العلم بما تصح به الشهادة، لان العدل المبرز، العالم بما تصح به الشهادة لا يقدح في شهادته إلا بالعداوة، بخلاف غيره.
وينبغي لمن أتصف بصفة العدالة، وتوقيع الحكم، والجلوس لذلك في مجالس الحكام: أن يسلك من الأدب ما ينبغي سلوكه، وإذا جلس بين يدي الحاكم فليجلس بسكينة ووقار، ولا يبدأ الحاكم بالكلام فيما دعى إليه بسببه، وإذا سأله الحاكم عن قضية تتعلق به أو بغيره، فلا يسرع الجواب، حتى يتأمل مقالة الحاكم، فإن كان كلامه مستوفيا