يقاتلون في سبل الله فيقاتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (111)) التوبة: 111) فما منكم إلا من ملا بحبه قلبه: وصرف إلى سماع ما بشر به سمعه وبصره وفؤاد، صلاة تبلغ به معهم في درجات المحسنين - من المقاصد الحسنة الاسلاك والسلوك - الحسنى وزيادة. وسلم تسليما كثيرا.
وبعد. فإن توقيع الحكم العزيز ميزان العدل الراجح - ومحجة الصدق التي سلوك نهجها القويم من أكبر المصالح. وعليه اعتماد الحكام فيما يدخل عليه النقض والابرام من الأحكام بالدليل الواضح. فمصالح الأمة في الواقع بتوقيع موقعيه موفورة. ومهمات أمورهم المؤسسة على القواعد الشرعية بالثبات مشهورة، ومتعددات فضائلهم الجمة بلسان الاجماع مشكورة، وعلى أيديهم يؤخذ الحق ويعطى، وبتعريفهم يحصل التمييز في كل حال بين الصواب والخطأ، وهم ممن تنتهي إليهم الآمال والرغائب. وهم المرتقون إلى أشرف المناصب وأرفع المراتب مدار الحل والعقد عليهم. ومرجع التصرف في وضع أحكام الحكام إليهم. وهم - وإن مالت الكتاب على اختلاف طبقاتهم فيما يكتبون به إلى التدبيج والتفويف - فالعدول ليس لهم عدول إلا إلى القول الحق بموجب الشرع الشريف. وبذلك ثبت فخرهم واستقر. وإن كتب غيرهم المجلس أو الجنات، أو المقر.
فكم كتبوا إقرار صحيحا شرعيا، إذا تأمله حاكم الشريعة المطهرة، تهلل وجه إنسان عينه وقر، وكيف لا يكون ذلك؟ وباعهم في مواصفات البيوع طويل، وعلمهم بما يجوز بيعه وما لا يجوز لا يشاركهم في الخليل. ولا يطيق الدخول إليه بسبب خفيف ولا ثقيل، ولهم فيما يفسد البيع وما لا يفسده حكم تفريق الصفقة التي فضيلة السبق في تفريقها لا تعرف إلا لصاحب نسيم الصبا، ولا أتى أحد بما أتى به في وصف الأعيان المنصوص فيها على تحريم الربا.
ولعمري ما دخل الموثقون لاخذ أصول هذا الفن، واجتنوا ثماره اليانعة من فروعها، إلا من باب بيع المصراة بالمسرة. ففازوا بالمرابحة واستغنوا بها عن البيوع المنهي عنها، وأعرضوا عن مجموعها، وحين وقفوا على اختلاف المتبايعين من اختلاف الأئمة. (فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء) (النحل: 28) أمنوا على خواطرهم السليمة من وهن الرهن المعاد يوم المعاد، ومعرة التفليس والحجر - فلا والله ما ابتأسوا ولا يئسوا، بل عقدوا الصلح يوم الحديبية، اعتمادا على ما صدره من الحوالة على العام القابل والضمان المقبول.