والوقائع التي تقع بين الناس ترد عليهم بقصد إثباتها والحكم بها عند حكام الشريعة المطهرة.
فالذي ينبغي للموقع: إنه إذا استأدي مكتوبا ليثبته عند الحاكم: أن لا يدخل به إليه، حتى يستوفيه بالقراءة، ويتأمله، ويسأل عن شهوده، وعن المراد بإثباته، ليكون على بصيرة من أمره، فإذا فعل ذلك كان مستعدا للجواب.
وينبغي له: أنه إذا استقضى مكتوبا بظاهره فصل، يريد مالكه ثبوته، والحكم بموجبه عند الحاكم في الفصل المكتب على ظاهر المكتوب - قبل الوقوف على ما في باطنه وتأمله - فيه تهاون، لأنه قد يكون الحاكم الذي ثبت الفصل المسطر على ظاهر المكتوب لا يرى صحة الذي في الباطن، والفصل الذي بظاهره متعلق بباطنه، فإذا ثبت هذا الفصل، ثم تبين فساد الباطن، المبني عليه الفصل المذكور - فيتطرق من ذلك الخلل في الحكم، والكلام في المكتوب والكاتب والحاكم ولذلك صور.
منها: إذا تزوج رجل امرأة، وطلقها ثلاثا، ثم إن رجلا حللها له، ثم عادت إلى الأولى بعد المحلل في فصل بظاهر الكتاب الأول، وآل الامر إلى ثبوت عقد هذا النكاح.
والحكم بموجبه عند من لا يرى صحة الاستحلال، ولا صحبة المبني عليه.
ومنها: إذا صالحت المرأة الورثة على صداقها وعلى ميراثها من زوجها صفقة واحدة، بفضة عن فضة وذهب ومصاغ وقماش وحيوان وغير ذلك، ولم تقبضه. وكتب الاشهاد الأول، وكتب بعده إبراء. وقصد الورثة ثبوت القبض والابراء.
ومنها: إذا طلق الرجل امرأته طلقتين، وعادت إليه، وبقيت معه بطلقة واحدة، ثم خلعها خلعا عاريا عن لفظ الطلاق ونيته، ولم يثبت ذلك عند من يرى صحته، ثم أعادتها من ذلك الخلع بظاهر كتابها، ولم يحكم بصحته حاكم، وآل الامر إلى ثبوته والحكم بموجبه عند من يرى أن الخلع طلاق.
ومنها: أن الرجل إذا صالح صلحا على إنكار بمبلغ على حكم الحلول - ولم يحكم بصحته حاكم، ثم قبض المبلغ وكتب به فصل بظاهر المكتوب وضمنه إبراء وأراد إثبات ذلك والحكم بموجبه عند من يرى بطلان الصلح على الانكار.
ومنها: أن الرجل إذا أسلم إلى رجل مائة درهم في شئ من الطعام المكيل أو الموزون. فحل الأجل وقبض نصفه، ثم تقايلا في النصف الثاني، وتأخر نصف رأس