مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧٠
أخرى بخلاف الهدي فإن الحق فيه للفقراء وهم موجودون، قاله في البيان. (أو) نذر (صلاة) حالة كونه (قائما لم يجز) فعلها حالة كونه (قاعدا) مع القدرة بلا مشقة على القيام، لأنه دون ما التزمه، أما مع المشقة لنحو كبر أو مرض فلا يلزمه القيام على الأصح (بخلاف عكسه) وهو نذر الصلاة قاعدا، فيجوز قائما لاتيانه بما هو الأفضل.
تنبيه: كلامه يفهم أن له القعود أيضا وهو كذلك، ففي الشرحين والروضة هنا أنه لا خلاف فيه وإن ذكرا بعد ذلك بنحو ثلاثة أوراق عن الإمام عن الأصحاب أنه يلزمه القيام عند القدرة، ولو نذر إتمام الصلاة أو قصرها صح إن كان كل منهما أفضل، وإلا فلا كما جزم به في الأنوار، ولو نذر القيام في النوافل أو استيعاب الرأس بالمسح أو التثليث أو غسل الرجلين صح ولزم كما جزم في الأنوار أيضا. (أو) نذر (طول قراءة الصلاة) فرضا كانت أو نفلا، ومثله طول ركوعها وسجودها لزمه ذلك: أي إن لم يكن إماما في مكان لم يحضر جمعه، أو حصروا ولم يرضوا بالتطويل كما نبه عليه البلقيني، لأن التطويل حينئذ مكروه (أو) نذر (سورة معينة، أو) نذر (الجماعة) ولو في نفل تسن فيه الجماعة، وقوله (لزمه) راجع للمسائل المذكورة كما تقرر، لأن ذلك طاعة فلزم بالنذر، وما قررت به كلام المصنف من أن ما ذكره شامل للفرض والنفل هو المعتمد كما جرى عليه شيخنا. وقال: فالقول بأن صحته هنا مقيدة بكونها في الفرائض أخذا من تقييد الروضة وأصلها بذلك وهم، لأنهما إنما قيدا بذلك للخلاف فيه، ولو نذر القراءة في الصلاة فقرأ في محل التشهد أو في ركعة زائدة قام لها ناسيا لم تحسب.
تنبيه: لو خالف في الوصف الملتزم كأن صلى في الأخيرة منفردا سقط عنه خطاب الشرع في الأصل وبقي الوصف، ولا يمكنه الاتيان به وحده فعليه الاتيان به ثانيا مع وصفه، ذكره في الأنوار تبعا للقاضي والمتولي. وقال القاضي أبو الطيب: يسقط عنه نذره أيضا، لأنه ترك الوصف ولا يمكنه قضاؤه. قال ابن الرفعة: والأول ظاهر إذا لم نقل أن الفرض الأول، وإلا فالمتجه الثاني. قال شيخنا: وقد يحمل الأول على ما إذا ذكر في نذره الظهر مثلا. والثاني على ما إذا ذكر فيه الفرض اه‍. والأوجه ما ذكره صاحب الأنوار. (والصحيح انعقاد النذر بكل قربة لا تجب ابتداء كعيادة) لمريض (وتشييع جنازة، والسلام) على الغير أو على نفسه إذا دخل بيتا خاليا وتشميت العاطس، وزيارة القادم لأن الشارع رغب فيها والعبد يتقرب بها، فهي كالعبادات، والثاني المنع لأنها ليست على أوضاع العبادات، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشارع فيها لعموم فائدتها، ويصح نذر فعل المكتوبة أول الوقت، وصلاة الضحى، وقيام التراويح، وتحية المسجد وركعتي الاحرام والطواف وستر الكعبة ولو بالحرير وتطييبها وصرف ماله في شراء سترها وتطييبها، فإن نوى المباشرة لذلك بنفسه لزمه، وإلا فله بعثه إلى القيم لصرفه في ذلك، ويصح نذر تطييب مسجد المدينة والأقصى وغيرهما من المساجد كما اختاره في المجموع، لأن تطييبها سنة مقصودة فلزم بالنذر كسائر القرب، بخلاف البيوت ونحوها كمشاهد العلماء والصالحين. واحترز المصنف بقوله: لا تجب ابتداء عن القرب التي يجب جنسها بالشرع كالصلاة والصوم والحج والعتق فإنها تلزم بالنذر قطعا كما في التتمة، وكان ينبغي أن يزيد في الضابط أن لا يكون فيه إبطال رخصة للشرع فيخرج ما لو نذر أن لا يفطر في السفر في رمضان، وأن بتم الصلاة في السفر فإنه لا ينعقد نزره، أن إذا كان الفطر أو القصر أفضل كما مرت الإشارة إليه وأورد على الضابط ما لو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعجل زكاة مالي، فإن الأصح في زيادة الروضة عدم انعقاده لأنه ليس بقربة. نعم حيث قلنا إنه يندب تعجيل الزكاة كأن اشتدت حاجة المستحقين لها أو التمسوها من المذكى أو قدم الساعي قبل تمام حوله فينبغي كما قال الأسنوي وغيره صحة نذره.
خاتمة: في مسائل منثورة مهمة تتعلق بالباب: لو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بعشرة دراهم مثلا ثم قال في اليوم الثاني مثله، فإن قصد التكرار لم يلزمه غير عشرة، وإن قصد الاستئناف أو أطلق لزمه عشرون
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548