أخرى بخلاف الهدي فإن الحق فيه للفقراء وهم موجودون، قاله في البيان. (أو) نذر (صلاة) حالة كونه (قائما لم يجز) فعلها حالة كونه (قاعدا) مع القدرة بلا مشقة على القيام، لأنه دون ما التزمه، أما مع المشقة لنحو كبر أو مرض فلا يلزمه القيام على الأصح (بخلاف عكسه) وهو نذر الصلاة قاعدا، فيجوز قائما لاتيانه بما هو الأفضل.
تنبيه: كلامه يفهم أن له القعود أيضا وهو كذلك، ففي الشرحين والروضة هنا أنه لا خلاف فيه وإن ذكرا بعد ذلك بنحو ثلاثة أوراق عن الإمام عن الأصحاب أنه يلزمه القيام عند القدرة، ولو نذر إتمام الصلاة أو قصرها صح إن كان كل منهما أفضل، وإلا فلا كما جزم به في الأنوار، ولو نذر القيام في النوافل أو استيعاب الرأس بالمسح أو التثليث أو غسل الرجلين صح ولزم كما جزم في الأنوار أيضا. (أو) نذر (طول قراءة الصلاة) فرضا كانت أو نفلا، ومثله طول ركوعها وسجودها لزمه ذلك: أي إن لم يكن إماما في مكان لم يحضر جمعه، أو حصروا ولم يرضوا بالتطويل كما نبه عليه البلقيني، لأن التطويل حينئذ مكروه (أو) نذر (سورة معينة، أو) نذر (الجماعة) ولو في نفل تسن فيه الجماعة، وقوله (لزمه) راجع للمسائل المذكورة كما تقرر، لأن ذلك طاعة فلزم بالنذر، وما قررت به كلام المصنف من أن ما ذكره شامل للفرض والنفل هو المعتمد كما جرى عليه شيخنا. وقال: فالقول بأن صحته هنا مقيدة بكونها في الفرائض أخذا من تقييد الروضة وأصلها بذلك وهم، لأنهما إنما قيدا بذلك للخلاف فيه، ولو نذر القراءة في الصلاة فقرأ في محل التشهد أو في ركعة زائدة قام لها ناسيا لم تحسب.
تنبيه: لو خالف في الوصف الملتزم كأن صلى في الأخيرة منفردا سقط عنه خطاب الشرع في الأصل وبقي الوصف، ولا يمكنه الاتيان به وحده فعليه الاتيان به ثانيا مع وصفه، ذكره في الأنوار تبعا للقاضي والمتولي. وقال القاضي أبو الطيب: يسقط عنه نذره أيضا، لأنه ترك الوصف ولا يمكنه قضاؤه. قال ابن الرفعة: والأول ظاهر إذا لم نقل أن الفرض الأول، وإلا فالمتجه الثاني. قال شيخنا: وقد يحمل الأول على ما إذا ذكر في نذره الظهر مثلا. والثاني على ما إذا ذكر فيه الفرض اه. والأوجه ما ذكره صاحب الأنوار. (والصحيح انعقاد النذر بكل قربة لا تجب ابتداء كعيادة) لمريض (وتشييع جنازة، والسلام) على الغير أو على نفسه إذا دخل بيتا خاليا وتشميت العاطس، وزيارة القادم لأن الشارع رغب فيها والعبد يتقرب بها، فهي كالعبادات، والثاني المنع لأنها ليست على أوضاع العبادات، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشارع فيها لعموم فائدتها، ويصح نذر فعل المكتوبة أول الوقت، وصلاة الضحى، وقيام التراويح، وتحية المسجد وركعتي الاحرام والطواف وستر الكعبة ولو بالحرير وتطييبها وصرف ماله في شراء سترها وتطييبها، فإن نوى المباشرة لذلك بنفسه لزمه، وإلا فله بعثه إلى القيم لصرفه في ذلك، ويصح نذر تطييب مسجد المدينة والأقصى وغيرهما من المساجد كما اختاره في المجموع، لأن تطييبها سنة مقصودة فلزم بالنذر كسائر القرب، بخلاف البيوت ونحوها كمشاهد العلماء والصالحين. واحترز المصنف بقوله: لا تجب ابتداء عن القرب التي يجب جنسها بالشرع كالصلاة والصوم والحج والعتق فإنها تلزم بالنذر قطعا كما في التتمة، وكان ينبغي أن يزيد في الضابط أن لا يكون فيه إبطال رخصة للشرع فيخرج ما لو نذر أن لا يفطر في السفر في رمضان، وأن بتم الصلاة في السفر فإنه لا ينعقد نزره، أن إذا كان الفطر أو القصر أفضل كما مرت الإشارة إليه وأورد على الضابط ما لو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعجل زكاة مالي، فإن الأصح في زيادة الروضة عدم انعقاده لأنه ليس بقربة. نعم حيث قلنا إنه يندب تعجيل الزكاة كأن اشتدت حاجة المستحقين لها أو التمسوها من المذكى أو قدم الساعي قبل تمام حوله فينبغي كما قال الأسنوي وغيره صحة نذره.
خاتمة: في مسائل منثورة مهمة تتعلق بالباب: لو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بعشرة دراهم مثلا ثم قال في اليوم الثاني مثله، فإن قصد التكرار لم يلزمه غير عشرة، وإن قصد الاستئناف أو أطلق لزمه عشرون