بالنحر وهو سنة لكم رواه الترمذي، وفي رواية الدارقطني: كتب علي النحر وليس بواجب عليكم. قال في العدة: وهي سنة على الكفاية إن تعدد أهل البيت، فإذا فعلها واحد من أهل البيت كفى عن الجميع، وإلا فسنة عين ولا تجب بأصل الشرع لما مر، ولما روى البيهقي وغيره بإسناد حسن أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان مخافة أن ترى الناس ذلك واجبا ولان الأصل عدم الوجوب، والمخاطب بها المسلم الحر البالغ العاقل المستطيع، وكذا المبعض إذا ملك مالا ببعضه الحر، قاله في الكفاية. قال الزركشي: ولا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة من يمونه على ما سبق في صدقة التطوع، لأنها نوع صدقة اه. وظاهر هذا أنه يكفي أن تكون فاضلة عما يحتاجه في يومه وليلته وكسوة فصله كما مر في صدقة التطوع، وينبغي أن تكون فاضلة عن يوم العيد وأيام التشريق فإنه وقتها، كما أن يوم العيد وليلة العيد وقت زكاة الفطر. واشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن ذلك. وأما المكاتب فهي منه تبرع، فيجري فيها ما يجري في سائر تبرعاته. قال الإمام: ولا يضحي عما في البطن. قال البلقيني: ويظهر من ذلك أن سنيتها تتعلق بمن يولد عند دخول وقت الأضحية، فمن كان حملا ذلك الوقت، ثم انفصل بعد يوم النحر أو ما بعده لم يتعلق به سنة الأضحية. قال: ولم أر من تعرض لذلك وخرجته من زكاة الفطر.
تنبيه: شمل كلام المصنف أهل البوادي والحضر والسفر والحاج وغيره، لأنه (ص) ضحى في منى عن نسائه بالبقر رواه الشيخان. وبهذا رد على العبدري قوله إنها لا تسن للحاج بمنى، وأن الذي ينحره بها هدي لا أضحية فيكره للقادر تركها. و (لا تجب) لما مر (إلا بالتزام) كسائر القرب. فإن قيل: ما فائدة ذكر هذا بعد قوله هي سنة؟. أجيب بأنه ذكره لدفع توهم أن يراد بالسنة الطريقة التي هي أعم من الواجب والمندوب، وللتلويح بمخالفة أبي حنيفة حيث أوجبها على مقيم بالبلد مالك لنصاب زكوي، وللتنبيه على أن نية الشراء للأضحية لا تصير به أضحية، لأن إزالة الملك على سبيل القربة لا تحصل بذلك كما لو اشترى عبدا بنية العتق أو الوقف.
تنبيه: قوله التزام اعترض عليه بأنه إن أراد به مطلق الالتزام ورد عليه ما لو التزمت الأضحية ولا تجب، وما لو قال: إن اشتريت هذه الشاة فلله على أن أجعلها أضحية كما هو أقيس الوجهين في المجموع تغليبا لحكم التعيين، وقد أوجبها قبل الملك فيلغو كما لو علق به طلاقا أو عتقا بخلاف ما لو قال: إن اشتريت شاة فلله على أن أجعلها أضحية ثم اشترى شاة لزمه أن يجعلها أضحية وفاء بما التزمه في ذمته، هذا إن قصد الشكر على حصول الملك، فإن قصد الامتناع فنذر لجاج وسيأتي، وإن أراد خصوص الالتزام بالنذر كما هو ظاهر عبارة الروضة، ورد عليه ما لو قال جعلت هذه الشاة أضحية أو هذه أضحية، فإنه يجب إن علق بشفاء مريض قطعا، وكذا إن أطلق في الأصح مع أنه ليس بنذر، بل ألحقه الأصحاب بالتحرير والوقف. (ويسن لمريدها) إن لم يكن محرما (أن لا يزيل شعره ولا ظفره في عشر ذي الحجة حتى يضحي) بل يكره له ذلك، لقوله (ص): إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره رواه مسلم عن أم سلمة. وسواء في ذلك شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وغيرها، بل سائر أجزاء البدن كالشعر كما حكاه في زيادة الروضة عن إبراهيم المروزي. واستثنى من ذلك ما كانت إزالته واجبة كختان البالغ وقطع يد السارق والجاني بعد الطلب، وما كانت إزالته مستحبة كختان الصبي، فإن قيل: التضحية من مال الصبي ممتنعة، إذ لا يجوز لولي المحجور أن يضحي عنه من ماله، لأنه مأمور بالاحتياط لماله ممنوع من التبرع به، والأضحية تبرع فكيف يصح الاستثناء؟ أجيب بأن التضحية سنة كفاية في حق أهل البيت، فإنه لو ضحى شخص وأشرك غيره في الثواب جاز. قال الأسنوي: ولقائل أن يمنعه وهو الأوجه، وبقول الأحاديث الواردة بالامر، وعبارات الأئمة إنما دلت عليه في حق من أراد التضحية، وهذا لم يردها.
تنبيه: قول الزركشي: لو أراد الاحرام في عشر ذي الحجة لم تكره له الإزالة قياسا على ما لو دخل يوم الجمعة، فإنه يستحب له أخذ شعره وظفره ممنوع في المقيس والمقيس عليه، إذ لا يخلو الشهر من يوم جمعة. أما المحرم فيحرم