مرادا، فقد جزم به في المجموع في النحر أيضا، وحكاه في الكفاية عن الحاوي والنهاية وغيرهما. (و) أن تكون (البقرة والشاة) حال ذبح كل منهما (مضجعة لجنبها الأيسر) أما الشاة ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أضجعها وقيس عليها البقر وغيره لأنه أسهل على الذابح في أخذه السكين باليمين وإمساك الرأس باليسار.
تنبيه: لو كان الذابح أعسر استحب أن يستنيب غيره ولا يضجعها على يمينها كما أن مقطوع اليمين لا يشير بسبابته اليسرى. (ويترك رجلها اليمنى) بلا شد لتستريح بتحريكها (وتشد باقي القوائم) لئلا تضطرب حال الذبح فيزل الذابح (و) يسن للذابح (أن يحد) بضم أوله (شفرته) وهي - بفتح المعجمة - سكين عظيمة، لخبر مسلم وغيره: إن الله كتب الاحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته.
تنبيه: لو ذبح بسكين كال حل بشرطين: أن لا يحتاج القطع إلى قوة الذابح، وإن يقطع الحلقوم والمرئ قبل انتهائها إلى حركة المذبوح. ويسن إمرار السكين بقوة وتحامل يسير ذهابا وإيابا. ويكره أن يحد شفرته والبهيمة تنظر إليه، وأن يذبح حيوانا وآخر ينظر إليه، ففي سنن البيهقي أن عمر رضي الله تعالى عنه رأى رجلا يفعل ذلك فضربه بالدرة والأولى أن يساق الحيوان إلى المذبح برفق، وأن يعرض عليه الماء قبل الذبح، لأن ذلك أعون على سهولة سلخه، ويكره أن يبين الرأس وأن يكسر العنق، وأن يقطع عضوا منه، وأن يحركه، وأن ينقله إلى مكان حتى تخرج روحه منه. (و) يسن أن (يوجه) الذابح (للقبلة ذبيحته) للاتباع، ولأنها أفضل الجهات، والأصح أنه يوجه مذبحها لا وجهها ليمكنه أيضا هو الاستقبال، فإنه يندب الاستقبال للذابح أيضا. فإن قيل هلا كره كالبول إلى القبلة؟. أجيب بأن هذا عبادة، ولهذا شرع فيها التسمية كما قال (وأن يقول) عند ذبحها (بسم الله) لقوله تعالى: * (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) * ولا تجب، فلو تركها عمدا أو سهوا حل. وقال أبو حنيفة: إن تعمد لم تحل، وأجاب أئمتنا بقوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة والدم) * إلى قوله: * (إلا ما ذكيتم) * فأباح المذكى ولم يذكر التسمية، وبأن الله تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * وهم لا يسمون غالبا، فدل على أنها غير واجبة، وبقول عائشة رضي الله تعالى عنها إن قوما قالوا يا رسول الله إن قومنا حديثو عهد بالجاهلية يأتونا بلحام لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا أنأكل منها؟ فقال: اذكروا اسم الله وكلوا رواه البخاري. ولو كان واجبا لما أجاز الاكل مع الشك، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله تعالى، فقال: اسم الله في قلب كل مسلم وأما قوله تعالى * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) * فالذي تقتضيه البلاغة أن قوله * (وإنه لفسق) * ليس معطوفا للتباين التام بين الجملتين، إذ الأولى فعلية إنشائية، والثانية اسمية خبرية، ولا يجوز أن تكون جوابا لمكان الواو فتعين أن تكون حالية فتقيد النهي بحل كون الذبح فسقا، والفسق في الذبيحة مفسر في كتاب الله بما أهل لغير الله به، وعن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما أن المراد بما لم يذكر اسم الله عليه الميتة، وذلك أن مجوس الفرس قالوا لقريش تأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتل الله، فأنزل الله تعالى * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * وأما نحو خبر أبي ثعلبة فما صدت بقوسك فاذكر اسم الله ثم كل، وما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كل فأجابوا عنه بحمله على الندب.
تنبيه: لا يختص سن التسمية بالذبح، بل تسن عند إرسال السهم والجارحة إلى صيد، ولو عند الإصابة بالسهم، والعض من الجارحة كما في الحديث المار. بل حكى الروياني عن النص استحبابها عند صيد السمك والجراد، ويكره تعمد تركها. قال الزركشي في الخادم: ويستحب أن لا يقول في التسمية الرحمن الرحيم، لأنه لا يناسب المقام،