التطوع من إهداء وتصدق. تنبيه: استكثار القيمة في الأضحية بنوع أفضل من استكثار العدد منه بخلاف العتق، فلو كان معه دينار ووجد به شاة سمينة وشاتين دونها فالشاة أفضل، ولو كان معه مائة دينار وأراد عتق ما يشتري بها فعبدان خسيسان أفضل من عبد نفيس، لأن المقصود هنا اللحم، ولحم السمين أكثر وأطيب، والمقصود في العتق التخليص من الرق. وتخليص عدد أولى من تخليص واحد، وكثرة اللحم خير من كثرة الشحم إلا أن يكون لحما رديئا، وأجمعوا على استحباب السمين في الأضحية، واستحبوا تسمينها فالسمينة أفضل من غيرها. ثم ما تقدم من الأفضلية في الذوات.
وأما في الألوان، فالأبيض أفضل، ثم الصفراء ثم العفراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم الحمراء ثم البلقاء ثم السوداء، قيل للتعبد، وقيل لحسن المنظر، وقيل لطيب اللحم. وروى أحمد والحاكم خبر: لدم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين. (وشرطها) أي الأضحية المجزئة (سلامة من) كل (عيب) بها (ينقص) بفتح أوله وضم ثالثه بخطه (لحما) أو غيره مما يؤكل، فإن مقطوع الاذن أو الالية لا يجزئ كما سيأتي مع أن ذلك ليس بلحم، فلو قال ما ينقص مأكولا لكان أولى، ولا فرق في النقص بين أن يكون في الحال كقطع بعض أذن أو في المآل كعرج بين كما سيأتي، لأن المقصود من الأضحية اللحم أو نحوه، فاعتبر ما ينقصه كما اعتبر في عيب المبيع ما ينقص المالية لأنه المقصود فيه. وهذا الشرط معتبر في وقوعها على وجه الأضحية المشروعة، فلو نذر التضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال : جعلتها أضحية وجب ذبحها فدية، ويفرق لحمها صدقة ولا تجزئ عن الأضحية، وتختص بوقت النحر وتجري مجرى الأضحية في الصرف.
تنبيه: أفهم كلامه عدم إجزاء التضحية بالحامل، لأن الحمل يهزلها وهو الأصح كما نقله المصنف في مجموعه عن الأصحاب. قال الأذرعي: وبه جزم الشيخ أبو حامد وأتباعه وغيرهم. وفي بيوع الروضة وصداقها ما يوافقه.
وقول ابن الرفعة المشهور: أنها تجزئ لأن ما حصل بها من نقص اللحم ينجبر بالجنين، فهو كالخصي مردود بأن الجنين قد لا يبلغ حد الاكل كالمضغة، ولان زيادة اللحم لا تجبر عيبا بدليل العرجاء السمينة، ويلحق بها قريبة العهد بالولادة لنقص لحمها والمرضع، نبه عليه الزركشي. ثم فرع على شرط سلامتها من العيب قوله: (فلا تجزئ عجفاء) أي ذاهبة المخ من شدة هزالها، والمخ دهن العظام، لما روى الترمذي وصححه أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تنقي مأخوذة من النقي - بكسر النون وإسكان القاف - وهو المخ، أي لا مخ لها (و) لا (مجنونة) وهي التي تدور في المرعى ولا ترعى إلا قليلا فتهزل، وتسمى أيضا التولاء، بل هو أولى بها (و) لا (مقطوعة بعض أذن) وإن كان يسيرا لذهاب جزء مأكول. وقال أبو حنيفة: إن كان المقطوع دون الثلث أجزأ. وأفهم كلام المصنف منع كل الاذن بطريق الأولى ومنع المخلوقة بلا أذن وهو ما اقتصر عليه الرافعي بخلاف فاقدة الضرع أو الالية أو الذنب خلقة فإنه لا يضر. والفرق أن الاذن عضو لازم غالبا بخلاف ما ذكر، أما في الأولين فكما يجزئ ذكر المعز، وأما في الثالث فقياسا على ذلك، وإن قيل هي أولى بعدم الاجزاء من المخلوقة بلا أذن. أما إذا فقد ذلك بقطع ولو لبعض منه، أو بقطع بعض لسان فإنه يضر لحدوث ما يؤثر في نقص اللحم. وبحث بعض المتأخرين أن شلل الاذن كفقدها وهو ظاهر إن خرج عن كونه مأكولا، ولا يضر قطع فلقة يسيرة من عضو كبير كفخذ، لأن ذلك لا يظهر بخلاف الكبيرة بالإضافة إلى العضو فلا تجزئ لنقصان اللحم (و) لا (ذات عرج) بين لو حدث تحت السكين (و) لا ذات (عور) بين وإن بقيت الحدقة (و) لا ذات (مرض) بين (و) لا ذات (جرب) وقوله (بين) راجع للأربع كما تقرر للحديث المار. فإن قيل: لا حاجة لتقييد العور بالبين لأن المدار في عدم إجزاء العوراء على فاقدة البصر من إحدى العينين. أجيب بأن الشافعي قال: أصل العور بياض يغطي الناظر، وإذا كان كذلك فتارة يكون