مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٦
التطوع من إهداء وتصدق. تنبيه: استكثار القيمة في الأضحية بنوع أفضل من استكثار العدد منه بخلاف العتق، فلو كان معه دينار ووجد به شاة سمينة وشاتين دونها فالشاة أفضل، ولو كان معه مائة دينار وأراد عتق ما يشتري بها فعبدان خسيسان أفضل من عبد نفيس، لأن المقصود هنا اللحم، ولحم السمين أكثر وأطيب، والمقصود في العتق التخليص من الرق. وتخليص عدد أولى من تخليص واحد، وكثرة اللحم خير من كثرة الشحم إلا أن يكون لحما رديئا، وأجمعوا على استحباب السمين في الأضحية، واستحبوا تسمينها فالسمينة أفضل من غيرها. ثم ما تقدم من الأفضلية في الذوات.
وأما في الألوان، فالأبيض أفضل، ثم الصفراء ثم العفراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم الحمراء ثم البلقاء ثم السوداء، قيل للتعبد، وقيل لحسن المنظر، وقيل لطيب اللحم. وروى أحمد والحاكم خبر: لدم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين. (وشرطها) أي الأضحية المجزئة (سلامة من) كل (عيب) بها (ينقص) بفتح أوله وضم ثالثه بخطه (لحما) أو غيره مما يؤكل، فإن مقطوع الاذن أو الالية لا يجزئ كما سيأتي مع أن ذلك ليس بلحم، فلو قال ما ينقص مأكولا لكان أولى، ولا فرق في النقص بين أن يكون في الحال كقطع بعض أذن أو في المآل كعرج بين كما سيأتي، لأن المقصود من الأضحية اللحم أو نحوه، فاعتبر ما ينقصه كما اعتبر في عيب المبيع ما ينقص المالية لأنه المقصود فيه. وهذا الشرط معتبر في وقوعها على وجه الأضحية المشروعة، فلو نذر التضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال : جعلتها أضحية وجب ذبحها فدية، ويفرق لحمها صدقة ولا تجزئ عن الأضحية، وتختص بوقت النحر وتجري مجرى الأضحية في الصرف.
تنبيه: أفهم كلامه عدم إجزاء التضحية بالحامل، لأن الحمل يهزلها وهو الأصح كما نقله المصنف في مجموعه عن الأصحاب. قال الأذرعي: وبه جزم الشيخ أبو حامد وأتباعه وغيرهم. وفي بيوع الروضة وصداقها ما يوافقه.
وقول ابن الرفعة المشهور: أنها تجزئ لأن ما حصل بها من نقص اللحم ينجبر بالجنين، فهو كالخصي مردود بأن الجنين قد لا يبلغ حد الاكل كالمضغة، ولان زيادة اللحم لا تجبر عيبا بدليل العرجاء السمينة، ويلحق بها قريبة العهد بالولادة لنقص لحمها والمرضع، نبه عليه الزركشي. ثم فرع على شرط سلامتها من العيب قوله: (فلا تجزئ عجفاء) أي ذاهبة المخ من شدة هزالها، والمخ دهن العظام، لما روى الترمذي وصححه أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تنقي مأخوذة من النقي - بكسر النون وإسكان القاف - وهو المخ، أي لا مخ لها (و) لا (مجنونة) وهي التي تدور في المرعى ولا ترعى إلا قليلا فتهزل، وتسمى أيضا التولاء، بل هو أولى بها (و) لا (مقطوعة بعض أذن) وإن كان يسيرا لذهاب جزء مأكول. وقال أبو حنيفة: إن كان المقطوع دون الثلث أجزأ. وأفهم كلام المصنف منع كل الاذن بطريق الأولى ومنع المخلوقة بلا أذن وهو ما اقتصر عليه الرافعي بخلاف فاقدة الضرع أو الالية أو الذنب خلقة فإنه لا يضر. والفرق أن الاذن عضو لازم غالبا بخلاف ما ذكر، أما في الأولين فكما يجزئ ذكر المعز، وأما في الثالث فقياسا على ذلك، وإن قيل هي أولى بعدم الاجزاء من المخلوقة بلا أذن. أما إذا فقد ذلك بقطع ولو لبعض منه، أو بقطع بعض لسان فإنه يضر لحدوث ما يؤثر في نقص اللحم. وبحث بعض المتأخرين أن شلل الاذن كفقدها وهو ظاهر إن خرج عن كونه مأكولا، ولا يضر قطع فلقة يسيرة من عضو كبير كفخذ، لأن ذلك لا يظهر بخلاف الكبيرة بالإضافة إلى العضو فلا تجزئ لنقصان اللحم (و) لا (ذات عرج) بين لو حدث تحت السكين (و) لا ذات (عور) بين وإن بقيت الحدقة (و) لا ذات (مرض) بين (و) لا ذات (جرب) وقوله (بين) راجع للأربع كما تقرر للحديث المار. فإن قيل: لا حاجة لتقييد العور بالبين لأن المدار في عدم إجزاء العوراء على فاقدة البصر من إحدى العينين. أجيب بأن الشافعي قال: أصل العور بياض يغطي الناظر، وإذا كان كذلك فتارة يكون
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548