تبكر في أول نتاج الإبل. ثم تثنى بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إذا وصلت أنثى بأنثى ليس بينهما ذكر، والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شئ وسموه الحامي، وإنما ذكرت ذلك تتميما للفائدة. ويستثنى من عدم الجواز ما إذا خيف على ولد الصيد بحبس ما صاده منهما فينبغي وجوب الارسال صيانة لروحه، ويشهد له حديث الغزالة التي أطلقها النبي (ص) من أجل أولادها لما استجارت به، وحديث الحمرة - بضم الحاء وتشديد الميم - التي أمر النبي (ص) برد فرخيها إليها لما أخذا، والحديثان صحيحان، نبه على ذلك الزركشي. ومحل الوجوب كما قال شيخنا في صيد الولد أن لا يكون مأكولا وإلا فيجوز ذبحه. ولو قال مطلق التصرف عند إرساله: أبحته لمن يأخذه، أو أبحته فقط كما بحثه شيخنا حل لمن أخذه أكله بلا ضمان، وله إطعام غيره منه كما بحثه شيخنا أيضا، ولا ينفذ تصرفه فيه ببيع ونحوه، وهل يحل إرساله في هذه الحالة أو لا؟ لم أر من ذكره. لكن أفتى شيخي بالأول وأما كسر الخبز والسنابل ونحوها التي يطرحها مالكها فالأرجح فيها أن آخذها يملكها وينفذ تصرفه فيها بالبيع ونحوه كما هو ظاهر أحوال السلف ورجحه المصنف، ولا فرق في السنابل بين أن يتعلق بها الذكاة أم لا نظرا لأحوال السلف، وإن أعرض عن جلد ميتة فمن دبغه ملكه ويزول اختصاص المعرض عنه، لأن مجرد الاختصاص يضعف بالاعراض. (ولو تحول حمامه) من برجه (إلى برج غيره) وفيه حمام له (لزمه) أي ذلك الغير (رده) إن تميز عن حمامه لبقاء ملكه كالضالة.
تنبيه: المراد برده إعلام مالكه به وتمكينه من أخذه كسائر الأمانات الشرعية، لا رده حقيقة، فإن لم يرده ضمنه قال الزركشي: وهذا إذا أخذه. قال: فإن تركه ولم يأخذه نظر إن طلبه صاحبه فلم يرده ضمنه، وإن لم يطلبه لم يضمن ونسبه لنص المختصر.
فرع: لو وجد من الحمامين فرخ أو بيض فهو لمالك الأنثى فقط. (فإن اختلط) حمام برجيهما (وعسر التمييز لم يصح بيع أحدهما وهبته شيئا منه لثالث) لعدم تحقق الملك فيه، فإنه كما يحتمل كون ذلك المبيع ملكه يحتمل أن يكون ملكا للآخر.
تنبيه: علم من كلامه امتناع بيع الجميع من باب أولى، وصرح به في البسيط فقال: ليس له الهجوم على بيع الكل. قال في المطلب: لكن لو فرض ذلك فهل يبطل البيع في الجميع أو يصح في الذي يملكه؟ لم أر فيه نقلا، والظاهر الأول. (ويجوز) ببيع أحدهما وهبته لما له منه (لصاحبه) مع الجهل (في الأصح) للحاجة، وقد تدعو الحاجة إلى التسامح باختلاف بعض الشروط، ولهذا صححوا القراض والجعالة مع ما فيهما من الجهالة. والثاني ما يغتفر ذلك.
تنبيه: كالبيع والهبة غيرهما من سائر التصرفات. (فإن باعاهما) أي الحمامين لثالث (والعدد معلوم) لهما (والقيمة سواء صح) ووزع الثمن على أعدادهما. فإذا كان لأحدهما مائتين وللآخر مائة كان الثمن أثلاثا، ولو باعا لثالث بعض العين صح أيضا بالجزئية (وإلا) بأن جهل العدد والقيمة متساوية أو علم ولم تستو القيمة (فلا) يصح البيع، لأن كل واحد لا يعرف مستحقه من الثمن.
تنبيه: إذا منعنا البيع في صورة المتن فالحيلة في صحة بيعها لثالث أن يبيع كل منهما نصيبه بكذا فيكون الثمن معلوما، أو أن يوكل أحدهما الآخر في بيع نصيبه فيبيع الجميع بثمن فيقتسمانه، أو أن يصطلحا في المختلط على شئ بأن يتراضيا على أن يأخذ كل منهما منه شيئا ثم يبيعانه لثالث، فصح البيع.
فروع: لو شك في كون المخلوط بحمامه مملوكا لغيره أو مباحا فله التصرف فيه، لأن الظاهر أنه مباح، ولو اختلط حمام مملوك بحمام مباح غير محصور أو نصب ماء ملك في نهر لم يحرم على أحد الاصطياد والاستقاء من ذلك استصحابا لما كان وإن لم يزل ملك المالك بذلك، لأن حكم ما لا ينحصر لا يتغير باختلاطه بما ينحصر أو بغيره كما لو اختلطت