عليه إزالة الشعر والظفر، وقول المصنف في عشر ذي الحجة، يفهم أنه لو لم يصح يوم النحر لا بأس بالحلق في أيام التشريق، وإن كان على عزم التضحية في بقيتها وليس مرادا، ولهذا لم يقيد في الروضة وأصلها بعشر ذي الحجة. قال الزركشي: وفي معنى مريد الأضحية من أراد أن يهدي شيئا من النعم إلى البيت بل أولى، وبه صرح ابن سراقة. قال وقضية قولهم حتى يضحي أنه لو أراد التضحية بأعداد زالت الكراهة بذبح الأول، ويحتمل بقاء النهي إلى آخرها اه.
والأوجه زوالها بالأول، والأفضل أن لا يفعل شيئا من ذلك إلى آخرها، ولو أخر الناذر التضحية بمعين إلى انقضاء أيام التشريق، قال البلقيني: فالأرجح بقاء الكراهة لأن عليه أن يذبحها قضاء. (و) يسن (أن يذبحها) أي الأضحية الرجل (بنفسه) إن أحسن الذبح للاتباع، رواه الشيخان، وأن يكون ذلك في بيته بمشهد من أهله ليفرحوا بالذبح ويتمتعوا باللحم، وفي يوم النحر، وإن تعددت الأضحية مسارعة للخيرات. أما المرأة، فالسنة لها أن توكل كما في المجموع، والخنثى مثلها، قال الأذرعي: والظاهر استحباب التوكيل لكل من ضعف عن الذبح من الرجال لمرض أو غيره وإن أمكنه الاتيان، ويتأكد استحبابه للأعمى وكل من تكره ذكاته (وإلا) أي وإن لم يذبح الأضحية بنفسه لعذر أو غيره (فليشهدها) لما روى الحاكم، وقال صحيح الاسناد أنه (ص) قال ل فاطمة رضي الله تعالى عنها:
قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك. قال عمران بن حصين: هذا لك ولأهل بيتك فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة؟
قال بل للمسلمين عامة. تنبيه: أفهم كلامه جواز الاستنابة، وبه صرح غيره، لأن النبي (ص) ساق مائة بدنة فنحر منها بيده ثلاثا وستين، ثم أعطى عليا رضي الله عنه المدية فنحر ما غير - أي بقي -. والأفضل أن يستنيب مسلما فقيها بباب الأضحية، ويكره استنابة كتابي وصبي وأعمى. قال الروياني: واستنابة الحائض خلاف الأولى، ومثلها النفساء، ويسن للإمام أن يضحي من بيت المال عن المسلمين بدنة في المصلى، وأن ينحرها بنفسه، رواه البخاري وإن لم يتيسر بدنة فشاة للاتباع رواه الماوردي وغيره، وإن ضحى عنهم من ماله ضحى حيث شاء. (ولا تصح) أي الأضحية. قال الشارح: من حيث التضحية بها، أي لا من حيث حل ذبحها وأكل لحمها ونحو ذلك (إلا من) نعم (إبل وبقر وغنم) بسائر أنواعها بالاجماع، وقال تعالى * (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * ولم ينقل عنه (ص) ولا عن أصحابه التضحية بغيرها، ولان التضحية عبادة تتعلق بالحيوان فتختص بالنعم كالزكاة، فلا يجزئ غير النعم من بقر الوحش وغيره والظباء وغيرها.
تنبيه: المتولد بين جنسين من النعم يجزئ هنا، وفي العقيقة والهدي وجزاء الصيد، لأنه ينبغي اعتبار أعلى الأبوين سنا في الأضحية ونحوها حتى يعتبر في المتولد بين الضأن والمعز بلوغه سنتين ويطعن في الثالثة، وهو مراد شيخنا في شرح الروض بقوله: بلوغه ثلاث سنين إلحاقا له بأعلى السنين به. ثم شرع في قدر سن ذلك، فقال (وشرط إبل أن يطعن في السنة السادسة، وبقر ومعز في) السنة (الثالثة وضأن في) السنة (الثانية) بالاجماع كما نقله في المجموع.
تنبيه: ما ذكر في الضأن يفهم أنه لو أجذع قبل تمام السنة: أي سقطت أسنانه لا يجزئ وليس مرادا، والمنقول في الرافعي عن العبادي والبغوي: الاجزاء، ولعموم خبر أحمد وغيره: ضحوا بالجذع من الضأن فإنه جائز أي ويكون ذلك كالبلوغ بالسن أو الاحتلام، فإنه يكفي أسبقهما كما صرح به في أصل الروضة (ويجوز ذكر وأنثى) أي التضحية بكل منهما بالاجماع، وإن كثر نزوان الذكر وولادة الأنثى. نعم التضحية بالذكر أفضل على الأصح المنصوص لأن لحمه أطيب، كذا قال الرافعي. ونقل في المجموع في باب الهدي عن الشافعي: أن الأنثى أحسن من الذكر لأنها أرطب لحما ولم يحك غير، ويمكن حمل الأول على ما إذا لم يكثر نزوانه، والثاني ما على إذا كثر.