أصحها لا تذبح، وقيل: تذبح إن كانت مأكولة، وقيل: تذبح مطلقا لظاهر الحديث، واختلفوا في علة ذلك: فقيل لاحتمال أن تأتي بولد مشوه الخلق، فعلى هذا لا تذبح إلا إذا كانت أنثى، وقد أتاها في الفرج، وقيل إن في بقائها تذكارا للفاحشة فيعير بها وهذا هو الأصح، فعلى هذا لا فرق بين الذكر والأنثى وإن كانت مأكولة وذبحت حل أكلها على الأصح، وحيث وجب الذبح والبهيمة لغير الفاعل لزمه لمالكها إن كانت مأكولة ما بين قيمتها حية ومذبوحة، وإلا لزمه جميع القيمة وقيل لا شئ لصاحبها لأن الشرع أوجب قتلها للمصلحة، وقد مر أن شرط الشبهة أن تكون قوية المدرك مسقطة للحد ليخرج أيضا شبهة من استؤجرت للزنا فلذلك قال: (ويحد في) وطئ (مستأجرة) للزنا بها لانتفاء الملك والعقد، وعقد الإجارة باطل ولا يورث شبهة مؤثرة كما لو اشترى خمرا فشربها، وعن أبي حنيفة أنه لا حد لأن الإجارة شبهة، وعورض بأنها لو كانت شبهة لثبت النسب، ولا يثبت اتفاقا. فإن قيل: لم لم يراع خلافه هنا كما مر في نكاح بلا ولي؟ أجيب بضعف مدركه هنا (و) يحد أيضا في وطئ (مبيحة) فرجها للوطئ، لأن البضع لا يباح بالإباحة. وتحد هي أيضا في المسألتين (و) في وطئ (محرم) بنسب أو إرضاع أو مصاهرة (وإن كان تزوجها) لأنه وطئ صادف محلا ليس فيه شبهة وهو مقطوع بتحريمه اه. فيتعلق به الحد.
تنبيه: أشار بقوله وإن كان تزوجها إلى خلاف أبي حنيفة فإنه قال: لا حد عليه لأن صورة العقد شبهة، وقال أحمد وإسحق: يقتل ويؤخذ ماله لحديث فيه صححه يحيى بن معين.
فروع: لو ادعى الجهل بتحريم الموطوءة بنسب لم يصدق لبعد الجهل بذلك. قال الأذرعي: إلا إن جهل مع ذلك النسب ولم يظهر لنا كذبه فالظاهر تصديقه، أو بتحريمها برضاع فقولان: أظهرهما كما قال الأذرعي تصديقه إن كان ممن يخفى عليه ذلك، أو بتحريمها بكونها مزوجة أو معتدة وأمكن جهله بذلك صدق بيمينه، وحدت هي دونه إن علمت تحريم ذلك، ويحد في وطئ نكاح أخت نكحها على أختها، وفي وطئ من ارتهنها، وفي وطئ مسلمة نكحها وهو كافر، ووطئ عالما بالحال وفي وطئ وثنية أو مجوسية نكحهما مسلم، ويحد في وطئ مطلقته ثلاثا وذات زوج وملاعنة ومعتدة لغيره ومرتدة، ولو زنى مكلف بمجنونة أو نائمة أو مراهقة حد، ولو مكنت مكلفة مجنونا أو مراهقا أو استدخلت ذكر نائم حدت، ولا تحد خلية حبلى لم تقر بالزنا أو ولدت ولم تقر به، لأن الحد إنما يجب ببينة أو إقرار كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وشرطه: أي إيجاب حد الزنا رجما كان أو جلدا في الفاعل أو المفعول به (التكليف) فلا حد على صبي ومجنون لارتفاع القلم عنهما، ولكن يؤدبهما وليهما بما يزجرهما. ولو زنى وعنده أنه غير بالغ فبان بالغا هل يحد أو لا؟ حكى الروياني فيه وجهين: ويظهر أنه لا حد عليه. وزاد المصنف على المحرر والشرحين والروضة قوله: (إلا السكران) فإنه يحد وهو غير مكلف وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق (وعلم تحريمه) فلا حد على من جهل تحريم الزنا لقرب عهده بالاسلام أو بعده عن المسلمين لكن إنما يقبل منه بيمينه كما هو وكلام الشيخين في الدعاوى فإن نشأ بينهم وادعى الجهل لم يقبل منه.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لو علم التحريم وجهل الحد أنه يحد وهو الصحيح في زيادة الروضة، وبقي من الشروط التزام الأحكام ليخرج الحربي والمستأمن. وأما الاختيار فعلم مما مر (وحد) الزاني (المحصن) من رجل أو امرأة (الرجم) حتى يموت بالاجماع وتظافر الاخبار فيه كرجم ماعز والغامدية، ولا يجلد مع الرجم عند جماهير العلماء. وقد مر أنه لا رجم على الموطوء في دبره، إذ لا يتصور الايلاج في دبره على وجه مباح حتى يصير به محصنا فحده كحد البكر.
والاحصان: لغة المنع، وشرعا جاء بمعنى الاسلام والبلوغ والعقل والحرية والعفة والتزويج ووطئ المكلف الحر في نكاح صحيح وهو المراد هنا كما يؤخذ من قوله (وهو) أي المحصن (مكلف) لا معنى لاشتراط التكليف في الاحصان بعد اشتراطه في مطلق وجوب الحد، وكان ينبغي أن يقول أو سكران على طريقته (حر) فالرقيق ليس بمحصن ولو مكاتبا