مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٢٦
علقت بمملوك فأشبهت الأمة المنكوحة. والثاني: تصير، لأن ولدها ثبت له حق الحرية بكتابته على أبيه وامتناع بيعه فثبت لها حرمة الاستيلاء. وهذا كله إذا ولدته في الكتابة، (و) أما (إن ولدته بعد العتق) فينظر إن ولدته (لفوق ستة أشهر) من الوطئ كما في المحرر، أو لستة أشهر كما في الروضة، وتقدم في باب العدد أن التعبير بما فوق الستة جرى على الغالب، فكل من العبارتين صحيح. (وكان يطؤها) ووقع الوطئ مع العتق أو بعده في صورة الأكثر وولدته لستة أشهر فصاعدا من الوطئ، (فهو حر وهي أم ولد) لظهور العلوق في الرق بعد الحرية. ولا نظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبا للحرية.
فإن لم يطأها مع العتق ولا بعده أو ولدته لدون ستة من الوطئ لم تصر أم ولد. (ولو عجل) المكاتب (النجوم) قبل محلها، (لم يجبر السيد على القبول) لما عجل (إن كان له في الامتناع) من قبضها (غرض) صحيح (كمؤنة حفظه) أي مال النجوم إلى محله كالطعام الكثير.
تنبيه: لو أطلق المؤنة كان أخصر وأشمل لدخول مؤنة العلف، وقد ذكرها في المحرر. (أو خوف عليه) بسبب ظاهر يتوقع زواله بأن كان زمن نهب أو إغارة، لما في الاجبار من الضرر والحالة هذه. ولو أنشأ الكتابة في زمن نهب أو إغارة وعجل فيه أيضا، لأن ذلك قد يزول عند المحل. قال الروياني: فإن كان هذا الخوف معهودا لا يرجى زواله لزمه القبول وجها واحدا، وبه جزم الماوردي.
تنبيه: تعبيره بالنجوم ليس بقيد. فلو أحضر النجم الأول أو غيره كان الحكم كذلك لما فيه من تمهيد بسبب العتق ومن الأغراض ما إذا كان طعاما يريد أن يأخذه عند المحل رطبا. قال البلقيني: من الأغراض أن الدين في ذمة المكاتب لا زكاة فيه، فإذا جاء به قبل المحل كان للملك غرض في أن لا يأخذه لئلا تتعلق به الزكاة. قال: ولم يذكره الأصحاب، والظاهر اعتباره اه. وهو ظاهر. (وإلا) بأن يكون للسيد غرض صحيح في الامتناع من قبض النجوم، (فيجبر) على قبضه، لأن للمكاتب غرضا ظاهرا وهو تنجيز العتق أو تقريبه، ولا ضرر على السيد في القبول.
تنبيه: أطلق المصنف الاجبار، وظاهره أنه يجبر على القبض، ولكن تقدم فيما إذا أتى المكاتب بمال فقال السيد:
هذا حرام ولا بينة أنه إذا حلف المكاتب أنه حلال أجبر السيد على أخذه أو الابراء منه، فإن أبى قبضه القاضي. ولم يذكروا هنا الابراء فيحتمل أن يلحق به، ويحتمل أن يفرق بحلول الحق هناك بخلافه هنا، والأول أوجه، وجرى عليه البلقيني. (فإن أبى) قبوله والابراء منه على ما مر أو كان غائبا، (قبضه القاضي) عنه وعتق المكاتب إن أدى الكل لأنه نائب الممتنعين والغائبين. وليس للقاضي قبض دين للغائب لأنه ليس للمؤدي غرض إلا سقوط الدين عنه.
والنظر للغائب أن يبقى المال في ذمة الملئ فإنه خير من أن يصير أمانة عند الحاكم. (ولو عجل) المكاتب (بعضها) أي النجوم (ليبرئه) السيد (من الباقي) منها (فأبرأ) مع الاخذ، (لم يصح الدفع ولا الابراء) لفساد الشرط، وسواء أكان الالتماس من العبد أو من السيد، لأن ذلك يشبه ربا الجاهلية المجمع على تحريمه، فقد كان الرجل إذا حل دينه يقول لمدينه اقض أو زد، فإن قضاه وإلا زاده في الدين وفي الاجل وعلى السيد رد المأخوذ ولا عتق لعدم صحة القبض والبراءة.
تنبيه: ما ذكره المصنف لا يختص بدين الكتابة بل سائر الديون كذلك لما مر. (ولا يصح بيع النجوم) لأنها غير مستقرة، ولان المسلم فيه لا يصح بيعه مع لزومه من الطرفين لتطرق السقوط إليه، فالنجوم بذلك أولى.
وهذا يسقط ما قيل إن المصنف صحح في الروضة في باب المبيع قبل قبضه أن بيع الدين لغير من هو عليه صحيح، ومقتضاه
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548