الوصايا، وإن أوصى بأكثر من الواجب فالزائد من الوصايا. وأفهم كلام المصنف أن السيد لو أبرأ الرقيق عن جميع النجوم أنه لا يجب الايتاء، وهو الأصح كما اقتضاه كلامهما في الصداق لزوال مال الكتابة، وكذا لو وهبها له كما قاله الزركشي. واستثنى المحاملي وغيره صورتين لا يلزم الايتاء فيهما: أن يكاتبه على منفعة نفسه، أو يكاتبه في مرض موته، ولا يحتمل الثلث أكثر من قيمته، وكذا لو باعه نفسه أو أعتقه بعوض. وإذا لم يبق من النجوم إلا القدر الواجب في الايتاء لا يسقط ولا يحصل التعارض، لأن الأصح أن الحط أصل فللسيد أن يؤتيه من غيره، وليس للسيد تعجيزه كما سيأتي في الفصل الآتي لأن له عليه مثله، لكن يرفعه إلى الحاكم حتى يرى رأيه ويفصل الامر بينهما. (والحط) عن المكاتب (أولى) من الدفع إليه، فإنه المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم قولا وفعلا، ولان المقصود إعانته ليعتق، والإعانة في الحط محققة وفي الدفع موهومة، فإنه قد ينفق المال في جهة أخرى.
تنبيه: قضية كلامه أن الواجب أحد الامرين، وليس أحدهما بدلا عن الآخر، وهو وجه الأصح المنصوص في الام أن الحط أصل والايتاء بدل عنه. (و) الحط أو الدفع (في النجم الأخير أليق) لأنه أقرب إلى العتق، وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كاتب عبدا على خمسة وثلاثين ألفا ووضع منها خمسة آلاف، وذلك من آخر نجمه. (والأصح أنه يكفي ما يقع عليه الاسم) من المال، (ولا يختلف بحسب المال) قلة وكثرة، لأنه لم يرد فيه تقدير، وهذا ما نقلاه عن نص الام، وعبارة الروضة: أقل متمول وهو المراد من عبارة الكتاب، قال البلقيني: إن هذا من المعضلات، فإن إتيان فلس لمن كوتب على ألف درهم تبعد إرادته بالآية الكريمة. وأطال في ذلك. ونقل الزركشي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أجمع أهل التأويل في قوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * أنها ربع الكتابة، ويمكن حمل هذا على الندب كما سيأتي. والثاني: لا يكفي ما ذكر ويختلف بحسب المال، فيجب ما يليق بالحال، فإن لم يتفقا على شئ قدره الحاكم باجتهاده.
تنبيه: لو كاتب شريكان مثلا عبدا لزم كلا منهما ما يلزم المنفرد بالكتابة كما بحثه بعض المتأخرين. (و) الأصح (أن وقت وجوبه) أي الحط أو الدفع (قيل العتق) ليستعين به عليه، ولأنه معان بمالين: زكاة وإيتاء، فلما كانت الزكاة قبل العتق فكذلك الايتاء. والثاني: بعده لينتفع به. وعلى الأول إنما يتعين في النجم الأخير، ويجوز من أول عقد الكتابة لأنها سبب الوجوب كما تقول: الفطرة تجب بغروب شمس ليلة العيد، ووقت الجواز من أول رمضان لأنه سبب الوجوب، هذا ما صرح به ابن الصباغ. وقيل: يجب بالعتق وجوبا موسعا ويتضيق عند العتق، وبهذا صرح في التهذيب. وقيل: إنه يتضيق إذا بقي من النجم الأخير القدر الذي يحمله أو يؤتيه إياه. وعبارة المصنف صادقة بكل من ذلك، وعلى كل لو أخر عن العتق أثم وكان قضاء، فقول الروضة: ويجوز بعد الأداء والعتق لكن يكون قضاء فيه تسمح. (ويستحب الربع) أي حط قدر ربع مال الكتابة إن سمح به السيد، (وإلا فالسبع) روى حط الربع النسائي وغيره عن علي رضي الله عنه، وروي عنه رفعه إلى النبي (ص)، وروى حط السبع مالك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قال البلقيني: بقي بينهما حط السدس، رواه البيهقي عن أبي سعيد مولى أبي أسيد.
(ويحرم) على السيد (وطئ مكاتبته) كتابة صحيحة لاختلال ملكه فيها بدليل خروج اكتسابها عنه وإن لم يقطع ملكه عنها كالطلاق الرجعي، ولو شرط في الكتابة أن يطأها فسد العقد خلافا ل مالك حيث يصح العقد ويلغو الشرط.
(ولا حد) على السيد (فيه) أي وطئ مكاتبته وإن علم التحريم لشبهة الملك، لكن يعذر عند العلم بالتحريم على الصحيح، وكذا هي.
تنبيه: اقتصار المصنف على الوطئ قد يفهم جواز ما عدا الاستمتاع، وليس مرادا، فقد قال في زوائد الروضة