تنبيه: يمهل لاحضار دين حال على ملئ مقر أو عليه بينة حاضرة وإحضار مال مودع. (ولو حل النجم وهو) أي المكاتب (غائب) ولو بإذن السيد، أو غاب بعد حلوله بغير إذن، (فللسيد الفسخ) للكتابة لتقصيره بالغيبة بعد المحل، والاذن قبله لا يستلزم الاذن له في استمرارها إلى ما بعده. ويفسخ بنفسه ويشهد لئلا يكذبه المكاتب، وله الفسخ بالحاكم نظير ما مر في الفسخ لعجز بعد إقامة البينة بالكتابة بحلول النجم والتعذر لتحصيل النجم، وحلف السيد أنه ما قبض ذلك منه ولا من وكيله ولا أبرأه منه ولا أنظره فيه كما نص عليه الشافعي والعراقيون ولا يعلم له مال حاضر، لأن ذلك قضاء على غائب. والتحليف المذكور نقله في أصل الروضة عن الصيدلاني وأقره، وهو المعتمد، وإن قال الأذرعي إنه غريب.
تنبيه: قال في المطلب: لم أر لهم تعرضا لحد هذه الغيبة، والأشبه أنه لا فرق بين القريبة والبعيدة. وقيدها في الكفاية بمسافة القصر. قال الزركشي: وهو قياس تنزيل غيبته كغيبة المال. وقال شيخنا: والقياس فوق مسافة العدوي اه. والأوجه ما في الكفاية. (فلو كان له مال حاضر فليس للقاضي الأداء) للنجم (منه) ويمكن القاضي السيد من الفسخ. وإن علق المكاتب عن حضوره مرض أو خوف في الطريق، لأنه ربما عجز نفسه لو كان حاضرا أو لم يؤد المال وربما فسخ الكتابة في غيبته. فإن قيل: قال الأسنوي: وهذا مع القول بتحليفه لا يجتمعان. أجيب بأن المراد من قولهم يمكن القاضي السيد، أي لا يعترضه، فلا ينافي ما تقدم من التحليف، لأن القاضي إذا وفى أو أذن فيه يحتاط كما قالوا في الحاضنة يكفي فيها العدالة الظاهرة. فإن وقع نزاع في الأهلية فلا بد من ثبوتها عند القاضي كما أفتى به المصنف. ولو أنظره السيد بعد حلول النجم وسافر بإذنه ثم ندم على إنظاره لم يفسخ في الحال لأن المكاتب غير مقصر، وربما اكتسب في السفر ما يفي بالواجب عليه، فلا يفسخ سيده حتى يعلمه بالحال، بل بكتاب من قاضي بلد سيده إلى قاضي بلده، فإن عجز نفسه كتب به قاضي بلده إلى قاضي بلد السيد ليفسخ إن شاء، فإن لم يكن ببلد السيد قاض وبعث السيد إلى المكاتب من يعلمه بالحال ويقبض منه النجوم فهل هو ككتاب القاضي فيأتي فيه ما مر؟
فيه خلاف، والأوجه كما قال شيخنا الأول، وهو ما اختاره ابن الرفعة والقمولي. (ولا تنفسخ) الكتابة (بجنون المكاتب) كتابة صحيحة، لأن ما كان لازما من أحد الطرفين لا ينفسخ بجنون أحد المتعاقدين كالرهن، وإنما ينفسخ به العقود الجائزة من الطرفين كالوكالة والقراض.
تنبيه: لو أراد السيد فسخها حال جنون المكاتب لم يفسخ بنفسه، بل يشترط أن يأتي الحاكم ويقيم البينة بجميع ما مر فيما إذا أراد الفسخ على الغائب. (و) حينئذ (يؤدي القاضي إن وجد له مالا) ليعتق، لأن المجنون ليس أهلا للنظر لنفسه فناب الحاكم عنه، بخلاف المكاتب الغائب كما مر.
تنبيه: محل تأدية القاضي عنه إذا رأى له مصلحة في الحرية كما قاله الغزالي، فإن رأى أنه يضيع بها لم يؤد.
قال في أصل الروضة: وهذا حسن، لكنه قليل النفع مع قولنا إن السيد إذا وجد ماله له أن يستقل بأخذه، إلا أن يقال : إن الحاكم يمنعه من الاخذ والحالة هذه، أي فلا يستغل بالأخذ. فإن لم يجد له القاضي مالا فسخ السيد بإذن القاضي وعاد بالفسخ قنا له. فإن أفاق من جنونه وظهر له مال كأن حصله من قبل الفسخ دفعه إلى السيد ونقض التعجيز وعتق.
قال في أصل الروضة: كذا أطلقوه، وأحسن الإمام إذا خص نقض نقض التعجيز بما إذا ظهر المال بيد السيد وإلا فهو ماض، لأنه فسخ حين تعذر حقه فأشبه ما لو كان ماله غائبا فحضر بعد للفسخ اه. قال في الخادم: وهذا مع مصادمته لاطلاقهم مصادم لنص الشافعي، والفرق أنه لا تقصير من الحاكم عند غيبة المال ثم حضوره، بخلاف وجوده بالبلد.
وإذا قلنا يعتق يطالبه السيد بما أنفق عليه قبل نقض التعجيز، لأنه لم يتبرع عليه به، وإنما أنفق عليه على أنه عبده.
قال الأذرعي: وقيده الدارمي بما إذا أنفق عليه بأمر الحاكم، وهو ظاهر بل متعين. نعم إن علم أن له مالا فلا يطالبه