ترجيح بيع النجوم. (ولا الاعتياض) أي الاستبدال (عنها) من المكاتب، كأن تكون النجوم دنانير فيعطي بدلها دراهم. وهذا ما صححاه هنا تبعا للبغوي، وهذا أوجه مما نقله الرافعي في باب الشفعة عن الأصحاب من الجواز لما مر، وإن صوب الأسنوي ما هناك وجرى عليه شيخنا هنا في منهجه. (فلو باع) السيد النجوم (وأدى) المكاتب النجوم (إلى المشتري لم يعتق في الأظهر) وإن تضمن البيع الاذن في قبضها، لأن الاذن في مقابلة سلامة العوض فلم تسلم فلم يبق الاذن، ولو سلم بقاؤه لكون المشتري كالوكيل، وبه علل الوجه الثاني القائل بأنه يعتق، فالفرق بينهما أن المشتري يقبض النجوم لنفسه بخلاف الوكيل. نعم لو باعها وأذن للمشتري في قبضها مع علمها بفساد البيع عتق بقبضه. (و) على الأول (يطالب السيد المكاتب والمكاتب المشتري بما أخذ منه) وعلى الثاني ما أخذه يقبضه السيد لأنه كوكيله.
(ولا يصح بيع رقبته) أي المكاتب كتابة صحيحة (في الجديد) لأن البيع لا يرفع الكتابة للزومها من جهة السيد فيبقى مستحق العتق فلم يصح بيعه كالمستولدة، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك. والقديم يصح بيع المكاتب كالعتق بصفة، وبهذا قال أحمد.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يرض المكاتب بالبيع، فإن رضي به جاز وكان رضاه فسخا كما جزم به القاضي الحسين في تعليقه، لأن الحق له وقد رضي بإبطاله. وعلى هذا تستثنى هذه الصورة من عدم صحة بيع المكاتب.
ويستثنى أيضا صور: منها ما إذا بيع بشرط العتق فإنه يصح وإن لم يرض المكاتب وترتفع الكتابة ويلزم المشتري إعتاقه والولاء له، ذكره البلقيني تخريجا، لأن الشافعي أطلق جواز بيع العبد بشرط العتق محتجا بحديث بريرة والحال أنها كانت مكاتبة. ومنها البيع الضمني إذا قال: أعتق مكاتبك عني على ألف، ذكره البلقيني أيضا وقال: إنه أولى بالجواز من التي قبلها مع اعترافه بأن المنقول في أصل الروضة البطلان. وإذا كان المنقول في هذه البطلان فالبطلان في التي قبلها بطريق الأولى، وهو كذلك. ويحمل حديث بريرة على أنها رضيت بالبيع. ومعنى البطلان في هذه أن العتق لا يقع عن السائل، ولكن يقع عن المعتق ولا يستحق العوض كما سيأتي. ومنها ما إذا باع المكاتب من نفسه فإنه يصح سواء أقلنا أنه عقد عتاقه أو بيع وترتفع الكتابة فلا يتبعه كسبه ولا ولده. ومنها إذا جنى. ومنها إذا عجز نفسه. وخرج بالصحيحة الفاسدة، فإن المنصوص في الام صحة البيع فيها إذا علم البائع بفسادها لبقائه على ملكه كالمعلق عتقه بصفة، وكذا إن جهل على المذهب. (فلو باع) السيد رقبة مكاتبه (فأدى) المكاتب النجوم إلى (المشتري) فقبضها، (ففي عتقه القولان) السابقان فيما إذا باع نجومه، أظهرهما المنع. (وهبته كبيعه) فيما ذكر، وأما الوصية فإن نجزها فكبيعه، وإلا فتصح إن علقها على عجزه. (وليس له) أي السيد (بيع ما في يد مكاتبه و) لا (إعتاق عبده، و) لا (تزويج أمته) ولا التصرف في شئ مما في يده، لأنه معه كالأجنبي.
تنبيه: مسألة النكاح مكررة سبقت في النكاح. (ولو قال له) أي السيد (رجل) مثلا: (أعتق مكاتبك على كذا) كمائة، (ففعل عتق ولزمه ما التزم) كما لو قال: أعتق مستولدتك على كذا، وهو بمنزلة فداء الأسير.
تنبيه: محل ذلك ما إذا قال: أعتقه وأطلق، أما إذا قال: أعتقه عني على كذا، فقال: أعتقته عنك، فإنه لم يعتق عن السائل ويعتق عن المعتق في الأصح، ولا يستحق المال.
تتمة: لو علق عتق المكاتب على صفة فوجدت عتق، ويتضمن الابراء عن النجوم حتى تتبعه أكسابه، ولو لم يتضمن الابراء لكان عتقه غير واقع عنها فلا تتبعه الاكساب، قاله القاضي الحسين في كتاب الزكاة من تعليقه.