(الصحة) والمرض بأن لم يقيده به (فوجدت) تلك الصفة (في المرض فمن رأس المال) يكون العتق (في الأظهر) اعتبارا بحالة التعليق، لأنه لم يكن متهما بإبطال حق الورثة. والثاني: يكون العتق من الثلث اعتبارا بوقت وجود الصفة.
تنبيه: محل الخلاف إذا وجدت الصفة بغير اختياره كنزول المطر، فإن وجدت باختياره كدخول الدار اعتبر من الثلث جزما، لأنه اختار العتق في مرضه، قاله الرافعي تفقها، وصرح به الماوردي.
فرع: لو علق عتق رقيقه بمرض مخوف فمرض وعاش عتق من رأس المال، وإن مات منه فمن الثلث. ولو علق عتقه بصفة وهو مطلق التصرف فوجدت بغير اختياره وهو محجور عليه بفلس عتق اعتبارا بحال التعليق، أو باختياره فلا. ولو وجدت الصفة وهو مجنون أو محجور عليه بسفه عتق بلا خلاف، ذكره البغوي، وفرق بأن حجر المرض والفلس لحق الغير، وهو الورثة والغرماء، بخلاف السفه والجنون. ولو مات سيد المدبر وماله غائب أو على معسر لم يحكم بعتق شئ منه حتى يصل للورثة من الغائب مثلا. فيتبين عتقه من الموت ويوقف كسبه، فإن استغرق التركة دين وثلثها يحتمل المدبر فأبرئ من الدين تبين عتقه وقت الابراء. (ولو ادعى عبده التدبير فأنكره) سيده، (فليس) إنكاره له (برجوع) عن التدبير ولو قلنا بجواز الرجوع بالقول، كما أن جحود الردة لا يكون إسلاما وجحوده الطلاق لا يكون رجعة، (بل يحلف) السيد أنه ما دبره لاحتمال أن يقر، ولا يتعين اليمين، بل له أن يسقط اليمين عن نفسه بأن يقول: إن كنت دبرته فقد رجعت إن جوزنا الرجوع بالقول. فإن نكل حلف العبد وثبت تدبيره. وله أيضا أن يقيم البينة بتدبيره. (ولو وجد) بعد موت السيد (مع مدبر مال) أو نحوه في يده فتنازع هو والوارث فيه، (فقال) المدبر: (كسبته بعد موت السيد وقال الوارث): بل كسبته (قبله، صدق المدبر بيمينه) لأن اليد له فترجح، وهذا بخلاف ولد المدبرة إذا قالت ولدته بعد موت السيد فهو حر، وقال الوارث: بل قبله فهو قن، فإن القول قول الوارث لأنها تزعم حريته، والحر لا يدخل تحت اليد. (وإن أقاما) أي المدبر والوارث (بينتين) بما قالاه، (قدمت بينته) أي المدبر على النص وقطع به لاعتضادها باليد. ولو أقام الوارث بينة أن المال كان في يده قبل عتقه فقال: كان في يدي وديعة لرجل وملكته بعد العتق صدق بيمينه أيضا. ولو دبر رجلان أمتهما وأتت بولد وادعاه أحدهما لحقه وضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف مهرها وصارت أم ولد له وبطل التدبير وإن لم يأخذ شريكه نصف قيمتها، لأن السراية لا تتوقف على أخذها كما مر، وما في الروض كأصله أن من أخذ القيمة رجوع في التدبير مبني على ضعيف، وهو أن السراية تتوقف على أخذ القيمة، ويلغو رد المدبر التدبير في حياة السيد وبعد موته كما في المعلق عتقه بصفة.
خاتمة: لو دبر السيد عبدا ثم ملكه أمة فوطئها فأتت بولد ملكه السيد سواء أقلنا أن العبد يملك أم لا، ويثبت نسبه من العبد ولا حد عليه للشبهة. ولو قال لامته: أنت حرة بعد موتي بعشر سنين مثلا لم تعتق إلا بمضي تلك المدة من حين الموت، ولا يتبعها ولدها في حكم الصفة إلا إن أتت به بعد موت السيد ولو قبل مضي المدة فيتبعها في ذلك فيعتق من رأس المال كولد المستولدة، بجامع أن كلا منهما لا يجوز إرقاقها. ويؤخذ من القياس أن محل ذلك إذا علقت به بعد الموت. ولو قال لعبده: إذا قرأت القرآن ومت فأنت حر، فإن قرأ القرآن قبل موت سيده عتق بموته، وإن قرأ بعضه لم يعتق بموت السيد. وإن قال: إن قرأت قرآنا ومت فأنت حر فقرأ بعض القرآن ومات السيد عتق. والفرق التعريف والتنكير، كذا نقله الرافعي عن النص. قال الدميري: والصواب ما قال الإمام في المحصول أن القرآن يطلق على القليل والكثير، لأنه اسم جنس كالماء والعسل لقوله تعالى: * (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) * وهذا الخطاب كان بمكة بالاجماع، لأن السورة مكية، وبعد ذلك نزل قرآن كثير.