وهذا أوجه. ثم فرع على القولين مسائل أشار إليها بقوله: (فلو قتل) الولد (فقيمته لذي الحق) منهما، فإن قلنا للسيد فقيمته له كقيمة الام، أو للام فلها تستعين بها في أداء النجوم. (والمذهب) - ولو عبر بالأظهر لكان أولى، لأن الخلاف قولان - (أن أرش جنايته عليه) أي ولد المكاتبة فيما دون نفسه، (و) أن (كسبه ومهره ينفق منها عليه وما فضل) عن ذلك (وقف، فإن عتق فله وإلا فللسيد) كما أن كسب الام إذا عتقت يكون لها، وإلا فللسيد، وفي وجه لا يوقف، بل يصرف إلى سيدها. هذا كله على قول أن حق الملك فيه لسيدها، وعلى قول أنه لها، فيكون لها ما ذكر من الأرش وغيره لها. فإن لم يكن له كسب أو لم يف بمؤنته فعلى السيد مؤنته في الأول وبقيتها في الثانية، ويصدق السيد بيمينه أنه ولد قبل الكتابة حتى يكون رقيقا له وإن أمكن أنه ولد بعدها، لأنه اختلاف في وقف الكتابة فيصدق فيه كأصلها، ولأن جواز التصرف فيما يحدث من ملكه وهي تدعي حدوث مانع منه. فإن نكل عن اليمين، قال الدارمي:
قال ابن القطان: وقف الامر حتى يبلغ الولد ويحلف. وقيل: إن الام تحلف. فإن شهد للسيد بدعواه أربع نسوة قبلن، وإن أقاما بينتين تعارضتا. (ولا يعتق شئ من المكاتب حتى يؤدي) للسيد (الجميع) من النجوم، لحديث: المكاتب قن ما بقي عليه درهم، وفي معنى أدائه حط الباقي عنه الواجب والابراء منه والحوالة به، ولا تصح الحوالة عليه ولا الاعتياض عنه.
تنبيه: لو كاتبه مطلقا وأدى بعض المال ثم أعتقه على أن يؤدي الباقي بعد العتق صح. ولو شرط السيد أنه إذا أدى النجم الأول عتق وبقي الباقي في ذمته يؤديه بعد العتق صح أيضا كما يقتضيه كلام الروضة. (ولو أتى) المكاتب (بمال فقال) له (السيد: هذا حرام) أي لا تملكه (ولا بينة) له بذلك (حلف المكاتب أنه حلال) مملوك له عملا بظاهر اليد (ويقال للسيد) حينئذ: (تأخذه أو تبرئه عنه) أي عن قدره ويجبر على أحد الامرين. فإن قيل: كيف تأمر السيد بأخذه وهو يقر بكونه حراما؟ أجيب بأنا لم نأمره بالقبض عينا بل خيرناه، فإن اختار الابراء فذاك، وإن اختار القبض ففيه تفصيل، فإن أكذب نفسه وقال: هو للمكاتب قيل كما قاله الإمام ونفذ تصرفه فيه، وإن أقر به لغيره لزمه دفعه إليه إن صدقه مؤاخذة له بإقراره وإن لم يقبل قوله على المكاتب، وإن لم يعين مالكا أو عينه ولم يصدقه أقر في يده ويمنع من التصرف فيه. (فإن أبى قبضه القاضي) وعتق المكاتب إن أدى الكل. (فإن نكل المكاتب) عن الحلف (حلف السيد) أنه ليس له ملكه لغرض امتناعه من الحرام.
تنبيه: هذا إذا لم يكن أصله على التحريم، فإن كان كما إذا أتى إليه بلحم فقال: هذا حرام لأنه غير مذكى فقال: بل مذكى صدق السيد، لأن الأصل عدم التذكية. واحترز المصنف بقوله: ولا بينة عما لو أقام السيد بينة على ما يقوله فلا يجبر وتسمع بينته، لأن له فيه غرضا ظاهرا وهو الامتناع من الحرام. ولا يثبت بها ولا بيمينه ملك لمن عينه له. ولا يسقط بحلف المكاتب حق من عينه. (ولو خرج) أي ظهر في حياة المكاتب كون (المؤدى) من النجوم أو بعضها (مستحقا) ببينة شرعية وإلزام الحاكم لا بإقراره أو يمين مردودة، (رجع السيد ببدله) لفساد القبض.
تنبيه: المراد أنه يرجع بمستحقه ولو عبر به لكان أولى. (فإن كان في النجم الأخير بان أن العتق لم يقع) لبطلان الأداء، فإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب بان أنه مات رقيقا وأن ما ترك للسيد دون الورثة.