مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥١٨
كاتبه عليها، (عتق ثلثاء) لأنه إذا أخذ مائة وقيمته مائة فالجملة مائتان فينفذ التبرع في ثلث المائتين وهو ثلثا المائة.
واحترز بقوله: وأدى في حياته عما لم يؤد شيئا حتى مات السيد فثلثه مكاتب، فإن أدى حصته من النجوم عتق، ولا يزيد العتق بالأداء لبطلانها في الثلثين فلا تعود.
تنبيه: هذا كله إذا لم يجز الوارث الكتابة في جميعه، فإن أجاز في جميعها عتق كله أو في بعضها عتق ما أجاز والولاء للميت. ولو لم يملك إلا عبدين قيمتهما سواء، فكاتب في المرض أحدهما وباع الآخر نسيئة ومات ولم يحصل بيده ثمن ولا نجوم صحت الكتابة في ثلث هذا والبيع في ثلث ذلك إذا لم يجز الوارث، ولا يزاد في البيع والكتابة بأداء الثمن والنجوم. (ولو كاتب) كافر أصلي رقيقه صح. وإن كاتب (مرتد) رقيقه (بنى على أقوال ملكه، فإن وقفناه) وهو الأظهر (بطلت على الجديد) القائل بإبطال وقف العقود فلا يعتق بأداء النجوم، وعلى القديم لا تبطل بل توقف إن أسلم تبينا صحتها وإلا بطلانها، وهذه المسألة مكررة فإنه ذكرها في آخر الردة.
تنبيه: لا يبطل طرو ردة المكاتب ولا طرو ردة السيد بعدها، وإن أسلم السيد اعتد بما أخذ حال ردته.
وتصح كتابة عبد مرتد ويعتق بالأداء ولو في زمن ردته، وإن قتل قبل الأداء فما في يده للسيد. ولو التحق سيد المكاتب بدار الحرب مرتدا ووقف ماله نادى الحاكم نجوم مكاتبه وعتق، وإن عجز أو عجزه الحاكم رق، فإن جاء السيد بعد ذلك بقي التعجيز. (ولا تصح كتابة مرهون) لأنه معرض للبيع والكتابة تمنع منه فتنافيا. (و) لا (مكرى) لأن منافعه مستحقة للمستأجر فلا يتفرغ للاكتساب لنفسه، ولا الموصى بمنفعته كما فهم بالأولى، ولا كتابة المغصوب إن لم يتمكن من التصرف في يد الغاصب، وإطلاق العمراني المنع محمول على هذا. ثم شرع في الركن الرابع فقال:
(وشرط العوض) في الكتابة (كونه دينا) نقدا كان أو عوضا موصوفا بصفات السلم، لأن الأعيان لا يملكها حتى يورد العقد عليها. (مؤجلا) ليحصله ويؤديه فلا تصح بالحال، لأن الكتابة عقد خالف القياس في وصفه. واتبع فيه سنة السلف، والمأثور من الصحابة فمن بعدهم قولا وفعلا إنما هو التأجيل ولم يعقدها أحد منهم حالة، ولو جاز لم يتفقوا على تركه مع اختلاف الأغراض خصوصا وفيه تعجيل عتقه. واختار ابن عبد السلام والروياني في حليته جواز الحلول، وهو مذهب الإمامين مالك وأبي حنيفة. فإن قيل: لو اقتصر المصنف على الاجل لاغنى عن الدينية، فإن الأعيان لا تقبل التأجيل، وقد اعترض الرافعي بهذا على الوجيز، ثم وقع فيه في المحرر. أجيب بأن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في المخاطبات وهذان وصفان مقصودان، لكن كان ينبغي أن يقول موصوفا بصفات السلم إن كان عوضا كما قدرته في كلامه. (ولو) كان العوض (منفعة) كبناء دارين في ذمته وجعل لكل واحدة منهما وقتا معلوما كما يجوز أن تجعل المنافع ثمنا واحدا، والمراد المنفعة التي في الذمة، أما لو كان العوض منفعة عين، فإنه لا يصح تأجيلها لأن الأعيان لا تقبل التأجيل.
تنبيه: ظاهر كلامه الاكتفاء بالمنفعة وحدها، والمنقول أنه إن كان العوض منفعة عين حالة نحو: كاتبتك على أن تخدمني شهرا أو تخيط لي ثوبا بنفسك فلا بد معها من ضميمة مال كقوله: وتعطيني دينارا بعد انقضائه لأن الضميمة شرط فلم يجز أن يكون العوض منفعة عين فقط. فلو اقتصر على خدمة شهرين، وصرح بأن كل شهر نجم لم يصح، لأنهما نجم واحد ولا ضميمة. ولو كاتبه على خدمة رجب ورمضان فأولى بالفساد، إذ يشترط في الخدمة والمنافع المتعلقة بالأعيان أن تتصل بالعقد. (ومنجما بنجمين فأكثر) لأنه المأثور عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم، ولو جازت على أقل من نجمين لفعلوه، لأنهم كانوا يبادرون إلى القربات والطاعات ما أمكن، ولأنها مشتقة من ضم النجوم بعضها إلى بعض. وأقل ما يحصل به الضم نجمان، وقيل: يكفي نجم واحد، وقال في شرح مسلم: إنه قول جمهور أهل العلم اه‍. وبه قال أبو حنيفة ومالك، ومال إليه ابن عبد السلام.
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548