قال: فإذا مت فشئت فأنت حر اشترط فور المشيئة بعد الموت في الأصح، وكذا سائر التعليقات المشتملة على الفاء، فإن قال: فإذا مت فمتى شئت فأنت حر فلا يشترط قطعا. وقوله: إذا مت فأنت حر إن شئت أو إذا شئت أو أنت حر إذا مت إن شئت أو إذا شئت أو أنت حر إذا مت إن شئت أو إذا شئت يحتمل أن يريد به المشيئة في الحياة وبعد الموت فيعمل بنيته، فإن لم ينو حمل على المشيئة بعد الموت، وكذا سائر التعليقات التي توسط فيها الجزاء بين الشرطين، كقوله لزوجته: إن أو إذا دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت زيدا فإنه يعمل بنيته، فإن لم ينو شيئا حمل تأخير الشرط الثاني على الأول. وتشترط المشيئة هنا فورا بعد الموت عند الأكثرين، ومتى لم يعتبر الفور في المشيئة بعد الموت عرضت عليه، فإن امتنع فللوارث بيعه كما مر. وشرط التدبير أن يكون التعليق بموت السيد، (و) حينئذ (لو قالا) أي الشريكان (لعبدهما: إذا متنا فأنت حر لم يعتق حتى يموتا) معا أو مرتبا، (فإن مات أحدهما فليس لوارثه بيع نصيبه) ولا يتصرف فيه بما يزيل الملك، لأنه صار مستحق العتق بموت الشريك وله التصرف فيه بما لا يزيل الملك كاستخدام أو إجارة وفي كسبه بين موت الشريكين وجهان، أصحهما أنه للوارث خاصة. وهذا بخلاف ما لو أوصى بعتق عبد فاكتسب مالا بين الموت والاعتاق، فإن الصحيح أن للعبد، والفرق أن العتق مستحق حالة الاكتساب فإنه واجب على الفور بخلافه هنا، ثم عتقه بموتهما معا تعليق عتق بصفة لا عتق بتدبير، لأن كلا منهما لم يعلقه بموته، بل بموته وموت غيره، وفي موتهما مرتبا يصير نصيب المتأخر موتا مدبرا دون نصيب المتقدم. ويشترط لصحة التدبير بلوغ وعقل، (و) حينئذ (لا يصح تدبير مجنون) أطلق جنون، (و) لا تدبير (صبي لا يميز) لعدم أهليتهما للتبرع، أما إذا تقطع جنونه ودبر في حال إفاقته يصح كما في البحر. ولو قال: أنت حر إن جننت فجن هل يعتق؟ قال صاحب الافصاح: يحتمل وجهين، أحدهما نعم لأن الايقاع حصل في الصحة، والثاني المنع، لأن المضاف للجنون كالمبتدأ فيه اه. والأول أوجه. (وكذا مميز) لا يصح تدبيره (في الأظهر) كإعتاقه. والثاني: المنع، إذ لا تضيع فيه، ولا يشترط في صحة التدبير إطلاق التصرف. (و) حينئذ (يصح من سفيه) ولو محجورا عليه لصحة عبارته ولوليه الرجوع في تدبيره بالبيع للمصلحة، ومن مفلس ولو بعد الحجر عليه، ومن مبعض. ولا يشترط فيه أيضا إسلام. (و) حينئذ يصح من (كافر أصلي) ولو حربيا كما يصح استيلاده وتعليقه العتق على صفة، ومن سكران لأنه كالمكلف حكما. (وتدبير المرتد يبنى على أقوال ملكه) فعلى الأظهر موقوف، فإن أسلم بأن صحته، وإلا فلا. وهذه المسألة مكررة فقد سبقت في باب الردة. (ولو دبر ثم ارتد لم يبطل) تدبيره (على المذهب) صيانة لحق العبد عن الضياع ولان الردة إنما تؤثر في العقود المستقبلة دون الماضية بدليل أنها لا تفسد البيع والهبة السابقين عليها. والطريق الثاني: القطع بالبطلان.
والثالث: البناء على أقوال الملك. (ولو ارتد) العبد (المدبر) أو استولى عليه أهل الحرب (لم يبطل) تدبيره وإن صار دمه يهدر لبقاء الملك فيه، كما لا يبطل الاستيلاد والكتابة بها، ثم إن مات السيد قبل عتقه عتق. ولو التحق بدار الحرب فسبي فهو على تدبيره، ولا يجوز استرقاقه، لأنه إن كان سيده حيا فهو له، وإن مات فولاؤه له، ولا يجوز إبطاله وإن كان سيده ميتا، ففي جواز استرقاق عتيقه خلاف سبق في محله. ولو استولى الكفار على مدبر مسلم ثم عاد إلى يد المسلمين فهو مدبر كما كان. (والحربي) دخل دارنا بأمان (حمل مدبره) الكافر الأصلي من دارنا (إلى دارهم) ولو جرى التدبير في دار الاسلام ولو لم يرض المدبر بالرجوع، لأن أحكام الرق باقية فيه، ويجوز له إبطال ما أثبته له.