فأنكر وفي قيم مسجد أو وقف ادعى شيئا فأنكر الخصم ونكل، ولو أقر القيم بما ادعاه الخصم انعزل وأقام القاضي غيره ولو ادعى أن هذا القيم قبضه فأنكر حلف.
تتمة: يحلف السفيه المحجور عليه على ما ادعاه وليه له إذا نكل خصمه ويقول له: ويلزمك التسليم إلى وليي ولا يقل:
إلي بخلاف وليه في دعواه عنه. ومن وجب عليه يمين نقل المصنف عن البويطي أنه يجوز أن يفديها بالمال، قال الزركشي:
والمذهب المنع، والتجويز من قول البويطي لا الشافعي. ونقل المنع أيضا عن القاضي أبي الطيب، وهذا هو الظاهر.
فصل: في تعارض البينتين من شخصين: إذا (ادعيا) أي كل منهما (عينا) وهي (في يد ثالث) وهو منكر لها (وأقام كل منهما بينة) بهما مطلقتي التاريخ، أو متفقتيه، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة، (سقطتا) لتناقض موجبيهما فأشبه الدليلين إذا تعارضا ولا مرجح، فعلى هذا كان لا بينة ويصار إلى التحالف فيحلف لكل منهما يمينا فإن رضيا بيمين واحدة فالأصح المنع كما في الروضة خلافا لجزم الإمام بالجواز وإن رجحه السبكي. (وفي قول تستعملان) بمثناة فوقية أوله، أي البينتان صيانة لهما عن الالغاء بقدر الامكان، فعلى هذا تنزع العين ممن هي في يده، لاتفاق البينتين على أنها ليست لواحد معين. ثم ما يفعل بها على هذا القول الأقوال الآتية: (ففي قول يقسم) بينهما، أي يكون لكل نصفها. (و) في (قول يقرع) بينهما ونرجح من خرجت قرعته. (و) في (قول توقف) بمثناة فوقية، أي العين بينهما (حتى يبين) الامر فيها، (أو يصطلحا) على شئ، لأنه أشكل الحال فيما يرجى انكشافه فيوقف كما لو طلق إحدى امرأتيه ومات قبل البيان، فإنه يوقف الميراث. ولم يرجح المصنف شيئا من هذه الأقوال لتفريعها على القول الضعيف، ولكن قضية كلام الجمهور ترجيح الوقف وجزم به في الروضة وأصلها في أوائل التحالف.
تنبيه: قوله: عينا في يد ثالث، قد يخرج به تعارض البينتين في النسب، فإنه على قول الاستعمال لا تجئ القسمة ولا الوقف وكذا القرعة على الأصح، قيل: وليس لنا موضع تسقط فيه الأقوال الثلاثة إلا هذا. (ولو كانت) أي العين التي ادعاها اثنان (في يدهما وأقاما بينتين، بقيت) في يدهما (كما كانت) أولا تفريعا على الصحيح، وهو التساقط، إذ ليس أحدهما أولى بها من الآخر ويجعل بينهما على قول القسمة ولا يجئ الوقف إذ لا معنى له، وفي القرعة وجهان.
تنبيه: محل الخلاف أن تشهد كل بينة بجميع العين، فأما إذا شهد بالنصف الذي هو في يد صاحبه فالبينتان لم يتواردا على محل واحد، فلا تجئ أقوال التعارض فيحكم القاضي لكل منهما بما في يده كما كان لا بجهة التساقط ولا بجهة الترجيح باليد. وكلامه يقتضي أنه لا يحتاج السابق منهما إلى إعادة البينة، وليس مرادا، بل الذي أقام البينة أولا يحتاج إلى إعادتها للنصف الذي بيده ليقع بعد بينة الخارج، وحيث لا بينة تبقى في يدهما أيضا سواء أحلف كل منهما للآخر أم نكل. ولو أثبت أو حلف أحدهما فقد قضى له بجميعها أم بالنصف الذي بيد الآخر. ومن حلف ثم نكل صاحبه ردت اليمين عليه، وإن نكل الأول كفى الآخر يمين للنفي والاثبات.
وسكت المصنف كالروضة وأصلها عما إذا لم تكن العين في يد ثالث، وصورها بعضهم بعقار أو متاع ملقى في طريق وادعياها، وحكمها أنها كما لو كانت بيدهما. (ولو كانت) تلك العين (بيده) أي أحدهما ويسمى الداخل، (فأقام غيره بها بينة و) أقام (هو) بها (بينة، قدم صاحب اليد) أي بينته، لأنهما استويا في إقامة البينة وترجحت بينته بيده، كالخبرين اللذين مع أحدهما قياس فيقضى له بها وإن كانت شاهدا وحلف معه وبينة الآخر شاهدين.