مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٧
نسبه بأن يتميز بها عن غيره فله أن يحكم بشهادته حينئذ، كذا نقله في أصل الروضة عن الغزالي، ثم نقل عن غيره ما يقتضي أنها لا تفيد لأنها شهادة على مجهول، وجمع بينهما الأسنوي بأن الأول فيما إذا حصلت المعرفة بذلك، والثاني فيما إذا لم تحصل به. والحاصل أن المدار على المعرفة، ولو بمجرد لقب خاص به، كالشهادة على السلطان بقوله: أشهد على سلطان الديار المصرية والشامية فلان فإنه يكفي، ولا يحتاج معه إلى شئ آخر، ولو كان بعد موته، ويدل لذلك قول الرافعي بعد اشتراطه ذكر اسمه واسم أبيه وجده وحليته وصنعته: وإذا حصل الاعلام ببعض ما ذكرناه اكتفي به اه‍.
قال ابن شهبة: وبها يزول الاشكال في الشهادة على عتقاء السلطان والامراء وغيرهم، فإن الشهود لا تعرف أنسابهم غالبا، فيكتفى بذكر أسمائهم مع ما يحصل التمييز به من أوصافهم، وعليه العمل عند الحكام، قال: وقد اعتمدت على شهادة من شهد على فلان التاجر المتوفى في وقت كذا الذي كان ساكنا في الحانوت الفلاني إلى وقت وفاته وعلم أنه لم يسكن في ذلك الحانوت في هذا الوقت غيره وحكمت بهذه الشهادة. وقال البلقيني: فالمدار على ذكر ما يعرف به كيفما كان، قال: ومقتضى كلام الإمام أن للشهادة على مجرد الاسم قد تنفع عند الشهرة وعدم المشاركة، فلو تحملها على من لم يعرفه وقال له: اسمي ونسبي كذا لم يعتمده، فلو استفاض اسمه ونسبه بعد تحملها عليه، فله أن يشهد في غيبته باسمه ونسبه كما لو عرفهما عند التحمل، وإن أخبره عدلان عند التحمل أو بعده باسمه ونسبه لم يشهد في غيبته بناء على عدم جواز الشهادة على النسب بالسماع من عدلين كما هو الراجح كما سيأتي.
تنبيه: لو شهدا أن فلان ابن فلان وكل فلان ابن فلان كانت شهادة بالوكالة والنسب جميعا، قاله الماوردي والروياني. (ولا يصح تحمل شهادة على متنقبة اعتمادا على صوتها) فإن الأصوات تتشابه، فمن لم يسمع صوته ولم يرها بأن كانت من وراء ستر أولى بالمنع، ولا يمنع الحائل الرقيق على الأصح.
تنبيه: مراد المصنف والأصحاب بأنه لا يصح التحمل على المتنقبة ليؤدي ما تحمله اعتمادا على معرفة صوتها.
أما لو شهد اثنان أن امرأة متنقبة أقرت يوم كذا لفلان بكذا، فشهد آخران أن تلك المرأة التي حضرت وأقرت يوم كذا هي هذه ثبت الحق بالبينتين، كما لو قامت بينة أن فلان ابن فلان الفلاني أقر بكذا وقامت أخرى على أن الحاضر هو فلان ابن فلان ثبت الحق. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو تحقق صوتها من وراء نقاب كثيف ولازمها حتى أدى على عينها كما أشار إليه الرافعي بحثا كنظيره من الأعمى. قال في المطلب: ولا إشكال فيه. وضبط المصنف متنقبة بمثناة فوقية ثم نون مفتوحة ثم قاف مكسورة شديدة، وفي بعض شروح المتن ضبطه بنون ساكنة ثم مثناة فوقية مفتوحة ثم قاف مكسورة خفيفة، وجرى على ذلك الشارح فقال: بنون ثم تاء، من انتقب كما في الصحاح. (فإن عرفها بعينها، أو باسم ونسب جاز) التحمل عليها، ولا يضر النقاب، بل يجوز كشف الوجه حينئذ كما في الحاوي وغيره.
(ويشهد) المتحمل على المتنقبة (عند الأداء بما يعلم) مما ذكر فيشهد في العلم بعينها إن حضرت، وفي صورة علمه باسمها ونسبها إن غابت أو ماتت ودفنت، فإن لم يعلم شيئا من ذلك كشف وجهها عند التحمل عليها وضبط حليتها وكشفه أيضا عند الأداء. ويجوز استيعاب وجهها بالنظر للشهادة عند الجمهور، وصحح الماوردي أن ينظر ما يعرفها به فقط فإن عرفها بالنظر إلى بعضه لم يتجاوزه. وهذا هو الظاهر، ولا يزيد على مرة، سواء قلنا بالاستيعاب أم لا، إلا أن يحتاج للتكرار. (ولا يجوز التحمل عليها) أي المرأة متنقبة أم لا (بتعريف عدل أو عدلين) أنها فلانة بنت فلان (على الأشهر) المعبر به في المحرر وفي الروضة وأصلها عند الأكثرين، بناء على أن المذهب في أن التسامع لا بد فيه من جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب. وقيل: يجوز بتعريف عدل لأنه خبر، وقيل بتعريف عدلين بناء على جواز الشهادة على النسب بالسماع منهما. (والعمل على خلافه) أي الأشهر وهو التحمل بما ذكر.
ولم يبين أن مراده العمل على التحمل بتعريف عدل فقط، وقد مر أنهما وجهان، وقد سبق للمصنف مثل هذه
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548