مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٦٧
شئ اشترى به بقرة أخرى إن أمكن وإلا فشاة أو شقصا من بدنة أو بقرة، فإن لم يجد واحدا منهما تصدق بالفاضل دراهم، فإن عدمت البقرة اشترى سبع شياه بقيمة البدنة، ولو وجد بقيمة البدنة ثلاث شياه أتم السبعة من ماله، ولو نذر شاة فذبح بدلها بدنة أجزأه لأنها أفضل، ومحله كما قال صاحب البيان: إذا نذرها في ذمته، وإلا فالذي يقتضيه المذهب عدم الاجزاء وفي كون كلها فرضا وجهان: أصحهما نعم، على اضطراب فيه. (أو) نذر (التصدق) بشئ (على أهل بلد معين) مكة أو غيرها (لزمه) ذلك وفاء بالتزامه وصرفه لمساكينه من المسلمين، ولا يجوز نقله كما في زيادة الروضة كالزكاة.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لا فرق في أهل البلد بين الغني والفقير والمسلم والذمي وليس مرادا، فقد نص في الام على التخصيص بالمساكين، وصرح القاضي حسين وغيره بعدم جواز وضع المنذور في أهل الذمة، وقد يفهم أيضا أن غير الحرم لا ينذر فيه إلا التصدق وليس مرادا، بل لو نذر الأضحية به تعين ذبحها مع التفرقة فيه لتضمنها التفرقة فيه، وإن نذر الذبح والتفرقة أو نواها ببلد غير الحرم تعينا فيه، لأن الذبح وسيلة إلى التفرقة المقصودة، فلما جعل مكانه مكانها اقتضى تعينه تبعا، وإن نذر الذبح في الحرم والتفرقة في غيره تعين المكانان، لأن المعلق بكل منهما قربة، وإن نذر الذبح في غير الحرم أو بسكين ولو مغصوبا ونذر التفرقة فيها في الحرم تعين مكان التفرقة فقط، إذ لا قربة في الذبح خارج الحرم ولا في الذبح بسكين معين ولو في الحرم، وإن نذر الذبح بالحرم فقط لزمه النحر به، لأن ذكر الذبح في النذر مضافا إلى الحرم يشعر بالقربة، ولان الذبح فيه عبادة معهودة ولزمه التفرقة فيه حملا على واجب الشرع، وإن نذر الذبح بأفضل بلد تعينت مكة للذبح لأنها أفضل البلاد، ولو نذر لمعين بدراهم مثلا كان له مطالبة الناذر بها إن لم يعطه كالمحصورين من الفقراء لهم المطالبة بالزكاة التي وجبت، فإن أعطاه ذلك فلم يقبل برئ الناذر لأنه أتى بما عليه ولا قدرة له على قبول غيره، ولا يجبر على قبوله بخلاف مستحقي الزكاة لأنهم ملكوها بخلاف مستحق النذر، وأيضا الزكاة أحد أركان الاسلام فأجبروا على قبولها خوف تعطيله بخلاف النذر. (أو) نذر (صوما في بلد) مثلا لزمه الصوم لأنه قربة، و (لم يتعين) أي الصوم فيه فله الصوم في غيره، سواء الحرم وغيره كما أن الصوم الذي هو بدل جبران واجب الاحرام لا يتعين فيه، وقيل إن عين الحرم تعين، لأن بعض المتأخرين رجح أن جميع القرب تتضاعف فيه، فالحسنة فيه بمائة ألف حسنة والتضعيف قربة (وكذا صلاة) نذرها في بلد لم يتعين لها ويصلي في غيره لأنها لا تختلف باختلاف الأمكنة.
تنبيه: شمل إطلاقه صلاة الفرائض إذا نذر أن يصليها في مسجد فإنه لا يتعين لها مسجد، وإن عينه لكن يتعين أن يصليها في مسجد بناء على أن صفاتها تفرد بالالتزام بخلاف النفل، والفرق أن أداء الفريضة في المسجد أفضل. (إلا المسجد الحرام) إذا نذر الصلاة فيه فيتعين لعظم فضله وتعلق النسك، وصح أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة كما رواه الإمام أحمد وغيره.
تنبيه: المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، لأنه موضع الطواف فقط، فقد جزم الماوردي بأن حرم مكة كمسجدها في المضاعفة وتبعه المصنف في مناسكه، وجزم به الحاوي الصغير، ونقل الإمام عن شيخه أنه لو نذر الصلاة في الكعبة فصلى في أطراف المسجد خرج عن نذره لأن الجميع من المسجد الحرام، وإن كانت في الكعبة زيادة فضيلة. (وفي قول، و) إلا (مسجد المدينة والأقصى) فيتعينان للصلاة المنذورة فيهما (قلت: الأظهر) أخذا من الرافعي في الشرح (تعيينهما كالمسجد الحرام. والله أعلم) لاشتراك الثلاثة في عظم الفضيلة وإن تفاوتت فيه لقوله (ص):
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد وقال البلقيني: ما ادعاه المصنف أنه الأظهر ممنوع نقلا ودليلا، وأطال الكلام في ذلك. لكن كلام المصنف يشعر بعدم إجزاء الصلاة في غيرهما وليس مرادا، بل لو صلى ما نذره
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548