مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٦١
عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله (ص) بيدي فقال: خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل وخالف ذلك في تهذيبه وفي مجموعه في صوم التطوع فقال: سمى يوم الاثنين لأنه ثاني الأيام، والخميس لأنه خامس الأسبوع، وهو صريح في أن أوله الاحد فيكون آخره السبت، وبه جزم القفال. قال في المهمات: والصواب الأول للخبر المذكور. قال الزركشي: لكنه حديث تكلم فيه علي بن المديني والبخاري وغيرهما من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه منه ولكنه اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعا، ونقل البيهقي أنه مخالف لما عليه أهل السنة والتواريخ من أن بدء الخلق إنما هو في يوم الأحد لا في السبت، ويدل عليه حديث ابن عباس: خلق الأرض يوم الأحد والمعتمد كما قال شيخنا الأول، وقال الزركشي بعد نقله الخلاف: وينبغي على هذا أن لا تبرأ ذمته بيقين حتى يصوم الجمعة والسبت خروجا من الخلاف وقال في المطلب: يجوز أن يقال يلزمه جميع الأسبوع لقول الماوردي:
لو نذر الصلاة ليلة القدر لزمه أن يصلي تلك الصلاة في جميع الليالي العشر لأجل الابهام، ولو صح ما قاله المصنف لكان يصليها في آخر ليلة من رمضان.
تنبيه: يؤخذ مما ذكره المصنف أن نذر صوم يوم الجمعة منفردا ينعقد، وبه قال بعض المتأخرين، وهو إنما يأتي على قول صحة نذر المكروه كما مر عن المجموع، وأما على المشهور في المذهب من أن نذر المكروه لا يصح كما مر فلا يأتي إلا أن يؤول بأنه كان نذر صوم يومين متواليين وصام أحدهما ونسي الآخر فإنه حينئذ لا كراهة ويصدق عليه أنه نذر صوم يوم من أسبوع ونسيه، وهذا تأويل ربما يتعين، ولا يتوقف فيه إلا قليل الفهم أو معاند. (ومن شرع في صوم نفل) أو في صلاته، أو طوافه، أو اعتكافه كما صرح به الدارمي وغيره (فنذر إتمامه لزمه على الصحيح) لأن النفل عبادة فصح التزامه بالنذر ويلزمه الاتمام. والثاني لا يلزمه، لأن الشرع مكنه من إبطاله بعد انعقاده، وهذا يقتضي أن الخلاف كما قال المتولي في الانعقاد، وكلام المصنف يقتضي أنه في اللزوم.
تنبيه: محل اللزوم في الصوم إذا نوى من الليل، فإن نوى من النهار قبل الزوال، ففي انعقاد نذره ولزومه الوفاء به قولان. قال الإمام: والذي أراه اللزوم وأقره الرافعي، وهو ظاهر إطلاق المصنف، وعلى هذا ليس لنا صوم واجب يصح بنية النهار إلا هذا. وقال في البيان: المشهور عدم الانعقاد. وقال البلقيني: إنه الصحيح. قال: وعبارة المحرر تفهمه لقوله: من أصبح صائما عن تطوع. (وإن نذر بعض يوم لم ينعقد) نذره، لأنه ليس بقربة (وقيل) ينعقد و (يلزمه يوم) لأن صوم بعض اليوم ليس معهودا شرعا فلزمه يوم كامل.
تنبيه: يجري هذا الخلاف فيمن نذر بعض ركعة، وإن نذر بعض نسك فينبغي أن ينبني على ما لو أحرم ببعض نسك وقد مر في بابه أنه ينعقد نسكا كالطلاق، وإن نذر بعض طواف فينبغي بناؤه، هل يصح التطوع بشئ منه؟
وقد نص في الام على أنه يثاب عليه، كما لو صلى ركعة ولم يضف إليها أخرى، وإن نذر سجدة لم يصح نذره، لأنها ليست قربة بلا سبب بخلاف سجدتي التلاوة والشكر، ولو نذر الحج في عامه وهو متعذر لضيق الوقت كأن كان على مائة فرسخ ولم يبق إلا يوم واحد لم ينعقد نذره، لأنه لا يمكنه الاتيان بما التزمه. (أو) نذر أن يصوم (يوم قدوم زيد فالأظهر انعقاده) لامكان الوفاء به. والثاني لا، لتعذر الوفاء به، وأجاب الأول بأنه يعلم قدومه غدا فينوي صومه ليلا (فإن قدم) زيد (ليلا أو يوم عيد) أو تشريق (أو في رمضان فلا شئ عليه) لأنه قيد باليوم ولم يوجد القدوم في محل يقبل الصوم.
تنبيه: لو أراد باليوم الوقت أو لم يرده فقدم زيد ليلا استحب للناذر أن يصوم صبيحة ذلك اليوم، لأجل
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548