مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٥٩
البلقيني: يندب تعجيل الكفارة وتقدم على النذر، فإن كانت الكفارة على الفور وجب تعجيلها، ومحله أيضا كما قال الأذرعي عند انتفاء المانع، فلو عارضه ما هو أقوى منه كالمجاهد والمسافر تلحقه المشقة بالصوم فالأولى التأخير لزوال المانع، لا سيما إن وجد ذلك قبل النذر، ولو خشي الناذر أنه لو أخر الصوم عجز عنه مطلقا إما لزيادة مرض لا يرجى برؤه أو لهرم لزمه التعجيل كما قاله الأذرعي: فإن نذر أياما معينة تعينت على الأصح ولو لم تكن معدودة كلله علي صوم أيام لزمه ثلاثة، ولو قيدها بكثيرة لأنه أقل الجمع. (فإن قيد) نذر صوم الأيام (بتفريق أو موالاة وجب) ذلك عملا بالتزامه، أما الموالاة فقطعا، وأما التفريق فعلى الأصح لأنه يراعى في صيام التمتع (وإلا) بأن لم يقيد بتفريق ولا موالاة (جاز) أي التفريق والموالاة عملا بمقتضى الاطلاق، لكن الموالاة أفضل خروجا من خلاف أبي حنيفة (أو) نذر صوم (سنة معينة) كسنة كذا أو سنة من الغد، أو من أول شهر كذا (صامها) عن نذره إلا ما ذكره في قوله (وأفطر) منها (العيد) أي يوميه الفطر والأضحى (والتشريق) وهو ثلاثة أيام بعد يوم النحر وجوبا لأنه غير قابل للصوم (وصام) شهر (رمضان) منها (عنه) أي رمضان لأنه لا يقبل غيره (ولا قضاء) عليه للنذر لأن هذه الأيام لو نذر صومها لم ينعقد نذره فإذا أطلق فأولى أن لا تدخل في نذره (وإن أفطرت) أي امرأة في سنة نذرت صيامها (بحيض ونفاس وجب القضاء) لأيامها (في الأظهر) لأن الزمان قابل للصوم، وإنما فطرت لمعنى فيها فتقضي كصوم رمضان، وهذا ما رجحه البغوي وصاحب التنبيه والمرشد فتبعهم المحرر (قلت) أخذا من الرافعي في الشرح (الأظهر لا يجب) قضاء زمن أيامها (وبه قطع الجمهور والله أعلم) لأن أيامهما لا تقبل الصوم فلا تدخل بالنذر كالعيد، واعتمد البلقيني الأول ونازع في نقل الثاني عن الجمهور.
تنبيه: الاغماء في ذلك كالحيض. (وإن أفطر) الناذر من السنة (يوما بلا عذر) أثم، و (وجب قضاؤه) لتفويته البر باختياره (ولا يجب استئناف سنة) لأن التتابع إنما كان للوقت كما في رمضان، لا لأنه مقصود في نفسه، بل لو أفطر جميع السنة لم يجب ولاء قضائها.
تنبيه: أفهم كلامه أنه إذا أفطر لعذر لم يجب قضاؤه، واستثنى منه ما لو أفطر بعذر السفر فإنه يجب القضاء على الأصح لأنه يتعلق بمحض اختياره، وأما أيام المرض التي أفطر فيها، فقضية كلام أصل الروضة أنه لا يجب عليه قضاؤها وجرى عليه ابن المقري في روضه لأنها غير داخلة في النذر لاستثنائها شرعا، وصحح البلقيني وغيره وجوب القضاء، وقالوا كما ذكروه في صوم الأثانين اه‍. وهذا أوجه، وفرق ابن كج بينه وبين الحيض بأنه يصح نذر صوم يومه، أي فهو كعذر السفر بخلاف نذر صوم يوم الحيض وهذا كله إذا لم يشترط في السنة. (فإن شرط) فيها (التتابع) كلله علي صومها متتابعا (وجب) استئنافها (في الأصح) لأن ذكر التتابع يدل على أنه مقصود والثاني لا يجب لأن ذكر التتابع مع التعيين لغو (أو) نذر صوم سنة هلالية (غير معينة وشرط) فيها (التتابع وجب) وفاء بما التزمه (ولا يقطعه) أي التتابع فيها (صوم رمضان عن فرضه وأفطر العيد والتشريق) لاستثناء ذلك شرعا واحترز بقوله عن فرضه عما لو صام رمضان عن نذر أو قضاء أو تطوع فإنه لا يصح صومه لما مر أنه لا يقبل غيره وينقطع به التتابع قطعا (ويقضيها) أي المذكورات من رمضان والعيدين والتشريق لأنه التزم صوم سنة ولم يصمها (تباعا) بكسر أوله: أي ولا (متصله بآخر السنة) عملا بشرط التتابع. وقيل: لا يقضي كالسنة المعينة
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548