مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٥١
رجعتها لم يحنث كما قاله البلقيني، والمعتمد أنه يحنث سواء أقلنا الرجعة ابتداء نكاح أم استدامة، ولو حلف لا يتزوج، ثم جن فعقد له وليه لم يحنث لعدم إذنه فيه، ذكرته بحثا، وهو ظاهر. ولو حلف الأمير لا يضرب زيدا، فأمر الجلاد بضربه فضربه لم يحنث، أو حلف لا يبني بيته، فأمر البناء ببنائه فبناه فكذلك أو لا يحلق رأسه، فأمر حلاقا فحلقه لم يحنث كما جزم عليه ابن المقري لعدم فعله، وقيل: يحنث للعرف، وجزم به الرافعي في باب محرمات الاحرام من شرحيه، وصححه الأسنوي. (أو) حلف (لا يبيع مال زيد) مثلا (فباعه) بيعا صحيحا بأن باعه (بإذنه) أو لظفر أو إذن حاكم لحجر أو امتناع أو إذن الولي لحجر أو صغر أو جنون (حنث) لصدق اسم البيع بما ذكر، فلو عبر المصنف ببيع صحيح كما قدرته في كلامه لشمل ما ذكرته (وإلا) بأن باعه بيعا غير صحيح (فلا) حنث لفساد البيع وهو في الحلف منزل على الصحيح وذكر البيع مثالا وإلا فسائر العقود لا تتناول إلا الصحيح، وكذا العبادات إلا الحج الفاسد، فإنه يحنث به كما مر. قال الزركشي: ويقع النظر في إلحاق الخلع والكتابة الفاسدين وما أشبههما بالحج، لأنهما كالصحيحين في حصول الطلاق والعتق اه‍. والظاهر عدم إلحاقهما به، ولو باعه بإذن وكيل زيد ولم يعلم أنه مال زيد لم يحنث أيضا لجهله.
فروع: لو حلف لا يبيع إلى زيد مالا فوكل الحالف رجلا في البيع وأذن له في التوكيل فوكل الوكيل زيدا في بيع ذلك فباعه حنث الحالف سواء أعلم زيد أنه ما الحالف أم لا، لأن اليمين منعقدة على نفي فعل زيد، وقد فعل باختياره والجهل أو النسيان إنما يعتبر في المباشر للفعل لا في غيره. قال الأذرعي: والظاهر حمل ذلك على ما إذا قصد التعليق، أما إذا قصد المنع فيأتي فيه ما مر في تعليق الطلاق. ولو حلف لا يطلق زوجته ثم فوض إليها طلاقها فطلقت نفسها لم يحنث كما لو وكل فيه أجنبيا ولو قال: إن فعلت كذا أو إن شئت كذا فأنت طالق ففعلت أو شاءت حنث لأن الوجود منها مجرد صفة وهو المطلق، ولو حلف لا يبيع بيعا فاسدا فباع بيعا فاسدا ففي حنثه وجهان: أحدهما أنه يحنث.
وقال الإمام: إنه الوجه عندنا وقال الأذرعي: الطلب إليه أميل اه‍. وهذا هو الظاهر لأنه فعل المحلوف عليه. والثاني لا حنث وجرى عليه صاحب الأنوار وقال الأذرعي: إنه ظاهر كلام الشيخين. (أو) حلف (لا يهب له) أي لزيد مثلا (فأوجب له) الهبة (فلم يقبل لم يحنث) لأن الهبة لم تتم ويجري ذلك كما قال الإمام في البيع وغيره من العقود المشتملة على الايجاب والقبول (وكذا إن قبل) الهبة (ولم يقبض) لم يحنث أيضا (في الأصح) لأن مقتضى الهبة نقل الملك ولم يوجد ولان المقصود بالحلف على الامتناع من الهبة عدم التبرع على الغير وذلك حاصل عند عدم القبض. قال إبراهيم المروزي: ولا يحنث بالهبة لعبد زيد لأنه إنما عقد مع العبد. قال الماوردي: ولا بمحاباة في بيع ونحوه.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أنه يحنث إذا قبضها بلا خلاف، لكن متى يحنث؟ فيه وجهان في الحاوي: أحدهما حالة القبض تخريجا من قول الشافعي أن الهبة تملك بالقبض والثاني من وقت العقد تخريجا من قول الشافعي أن القبض دال على الملك حالة الهبة والأول أوجه. (ويحنث) من حلف لا يهب (بعمري ورقبي) وسبق تفسيرهما في الهبة (وصدقة) تطوعا وهدية مقبوضة لأنها أنواع خاصة من الهبة. أما الصدقة الواجبة فلا يحنث بها على الأصح لأنها كقضاء الدين و (لا) يحنث بغيرها ما ذكر من (إعارة) وضيافة إذ لا ملك فيهما (ووصية) لأنها تملك بعد الموت والميت لا يحنث (ووقف) عليه لأن الملك فيه لله تعالى (أو) حلف (لا يتصدق) حنث بالصدقة فرضا وتطوعا على فقير وغني ولو ذميا لشمول الاسم ويحنث بالاعتاق لأنه تصدق عليه برقبته، و (لم يحنث بهبة في الأصح) لأنها أعم من الصدقة، والثاني يحنث كعكسه، وفرق الأول بأن الصدقة أخص فكل صدقة هبة وليس كل
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548