مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٤٩
ممن يبالي بتعليقه كنظيره في الطلاق، نبه على ذلك الأسنوي. ولو فر الحالف منه لم يحنث وإن أمكنه متابعته لأن اليمين على فعله، فإن قال: لا نفترق حتى أستوفي منك حقي حنث بمفارقة أحدهما الآخر عالما مختارا، وكذا إن قال:
لافترقنا حتى أستوفي منك لصدق الافتراق بذلك، فإن فارقه ناسيا أو مكرها لم يحنث. (وإن استوفى) الحالف حقه من غريمه (وفارقه فوجده) أي ما استوفاه (ناقصا) نظرت (إن كان من جنس حقه، لكنه أردأ) منه (لم يحنث) بذلك لأن الرداءة لا تمنع من الاستيفاء.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون الأرش قليلا فلا يتسامح بمثله أو كثيرا، وهو كذلك، وإن قيده في الكفاية بالأول. (وإلا) بأن لم يكن من جنس حقه بأن كان دراهم خالصة فخرج ما أخذه مغشوشا أو نحاسا (حنث عالم) بحال المال المأخوذ قبل المفارقة للمفارقة قبل الاستيفاء (وفي غيره) أي العالم، وهو الجاهل بالحال (القولان) في حنث الجاهل والناسي، أظهرهما لا حنث، والتعريف في القولين للعهد المذكور في باب الطلاق فقول ابن شهبة: ولا عهد مقدم يحيل عليه ممنوع وإن حلف الغريم فقال: والله لا أوفيك حقك فعلمه له مكرها أو ناسيا لم يحنث، أو لا استوفيت حقك مني فأخذها مكرها أو ناسيا لم يحنث بخلاف ما إذا أخذه عالما مختارا، وإن كان المعطي مكرها أو ناسيا (أو) حلف (لا رأى منكرا إلا رفعه إلى القاضي) أو لا رأى لقطة أو ضالة إلا رفعها إليه (فرأى) الحالف ذلك (وتمكن) من الرفع إليه (فلم يرفع) ذلك (حتى مات) الحالف (حنث) لتفويته البر باختباره ولا يلزمه المبادرة إلى الرفع بل له المهلة مدة عمره وعمر القاضي، فمتى رفعه إليه بر، ولا يشترط في الرفع أن يذهب إليه بل يكفي أن يكتب إليه بذلك أو يرسل رسولا بذلك فيخبره لأن القصد بذلك إخباره، والاخبار يحصل بذلك. ولو رأى المنكر بين يديه هل يكفي ذلك أو لا بد من إخباره؟ وجهان: أرجحهما الثاني كما رجحه ابن المقري. وهل يقال مثل ذلك إذا رأى القاضي يتعاطى المنكر أو يقال مثل هذا اللفظ لا يتناول القاضي؟ لم أر من تعرض لذلك. ويظهر الثاني (ويحمل على قاضي البلد) عند الاطلاق لا على غيره لأن ذلك مقتضى التعريف بأل (فإن) عزل قاضي البلد وتولى غيره (فالبر) يحصل (بالرفع إلى) القاضي (الثاني) ولا عبرة بالموجود حالة الحلف لأن التعريف في الألف واللام للجنس، ويشترط في رفع المنكر إلى القاضي أن يكون في محل ولايته، فإن كان في غيره لم يبر إذ لا يمكنه إقامة موجبة كما قاله البغوي. وإن كان في بلده قاضيان كفى الرفع إلى أحدهما وإن اختص كل منهما بناحية خلافا لابن الرفعة في قوله: فإن اختص بذلك فينبغي أن يتعين قاضي الناحية التي فيها فاعل المنكر، وهو الذي يجب عليه إجابته إذا دعاه إذ رفع المنكر إلى القاضي منوط بإخباره به كما مر لا بوجوب إجابة فاعله (أو) حلف لا رأى منكرا (إلا رفعه إلى قاض بر بكل قاض) في ذلك البلد وغيره لصدق الاسم، وسواء أكان قاضيا حال اليمين أم ولي بعده لعموم اللفظ (أو) إلا رفعه (إلى القاضي فلان) وكناية عن اسم علم لمن يعقل ومعناه واحد من الناس (فرآه) أي المفكر (ثم) لم يرفعه إليه حتى (عزل) القاضي (فإن نوى ما دام قاضيا حنث إن) رأى المنكر و (أمكنه رفعه) إليه (فتركه) لتفويته البر باختياره، فإن قيل: هذا مخالف لقول الروضة وأصلها أنه إذا عزل لم يبر بالرفع إليه وهو معزول ولا يحنث وإن كان تمكن لأنه ربما ولي ثانيا واليمين على التراخي فإن مات أحدهما قبل أن يولي بأن الحنث.
أجيب بأن المصنف عبر هنا بدوام كونه قاضيا والديمومة تنقطع بالعزل، وغفل بعض الشراح عن ذلك فأجاب بأن كلام المصنف هذا محمول على عزل اتصل بالموت (وإلا) بأن لم يمكنه رفعه إليه (فكمكره) والأظهر عدم الحنث.
(٣٤٩)
مفاتيح البحث: الموت (3)، الجهل (2)، النسيان (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548