مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٣٨
ويحدث بالولادة لم يحنث بما يحلب قبلها. (ولو قال) في حلفه (مشيرا إلى حنطة) مثلا (لا آكل هذه حنث بأكلها على هيئتها وبطحنها وخبزها) تغليبا للإشارة، هذا عند الاطلاق، فإن نوى شيئا حمل عليه.
تنبيه: قال الأذرعي: واعلم أن كلامه مصرح في هذه الصورة وأشباهها بأنه إنما يحنث بأكل الجميع، وقالوا لو قال: لا آكل هذا الرغيف لم يحنث ببعضه، فلو بقي منه ما يمكن التقاطه وأكله لم يحنث وهو يفهم الحنث فيما إذا بقي ما لا يمكن التقاطه وأكله، ولا شك أن الحنطة إذا طحنت يبقى في ثقوب الرحى منها بقية دقيق ويطير منه شئ، وإذا عجن يبقى في المعجن غالبا منها بقية، وإذا أكل الخبز يبقى منه فتات صغير، وهذا كله مما يوجب التوقف في الحنث بأكل خبزها عند من ينظر إلى حقيقة اللفظ ويطرح العرف. وقد حكى أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته قال:
وكنت أجلس كثيرا في مجلس الشاشي، يعني صاحب الحلية فيأتي إليه الرجل يقول: حلفت بالطلاق أن لا ألبس هذا الثوب، وقد احتجت إلى لبسه، فيقول: سل منه خيطا فيسل منه خيطا مقدار الشبر أو الإصبع، ثم يقول: البس لا شئ عليك اه‍. وعلى هذا إذا تحقق ذهاب ما ذكر لا يحنث. (ولو) صرح في حلفه بالإشارة مع الاسم كأن (قال لا آكل هذه الحنطة حنث بها مطبوخة) مع بقاء حباتها (ونيئة ومقلية) - بفتح الميم - لأن الاسم لم يزل. إن هرست في طبخها لم يحنث لزوال اسم الحنطة كما يؤخذ من قوله (لا بطحينها وسويقها وعجينها وخبزها) - بضم الخاء - لزوال الاسم والصورة.
تنبيه: لو أخر اسم الإشارة كأن قال: لا آكل الحنطة هذه فهو كما لو اقتصر على الإشارة. (ولا يتناول رطب) - بضم الراء - حلف على أكله (تمرا ولا بسرا) - بضم الباء الموحدة - ولا بلحا (ولا) يتناول (عنب زبيبا، وكذا العكوس) لهذه المذكورات فلا يحنث بأكل التمر من حلف لا يأكل رطبا، وكذا الباقي لاختلافها اسما وصفة.
تنبيه: لو حلف لا يأكل رطبا أو بسرا فأكل منصفا، وهو بضم الميم وفتح النون وكسر الصاد المهملة المشددة حنث لاشتماله على كل منهما فإن حلف لا يأكل رطبا فأكل غير الرطب منه فقط، أو لا يأكل بسرا فأكل الرطب منه فقط لم يحنث. قال أهل اللغة: تمر النخل أوله طلع وكافور، ثم خلاف بفتح الخاء المعجمة واللام المخففة، ثم بلح ثم بسر، ثم رطب، ثم تمر، فإذا بلغ الأرطاب منصف البصرة قيل منصفه، فإن بدا من ذنبها ولم يبلغ النصف قيل مذنبة بكسر النون، ويقال في الواحدة بسرة بإسكان السين وضمها، والجمع بسر بضم السين وبسرات، وأبسر النخل أر ثمره بسرا، وهل يتناول البسر المشدخ وهو ما لم يترطب بنفسه، بل عولج حتى ترطب وهو المسمى في مصر بالمعمول ؟ قال الزركشي: فيه نظر، وقد ذكروا في السلم أنه لو أسلم إليه في رطب فأحضر إليه مشدخا لا يلزمه قبوله لأنه لا يتناوله اسم الرطب. (ولو قال) الحالف (لا آكل هذا الرطب فتتمر) أي صار تمرا (فأكله أو لا أكلم ذا الصبي) وأطلق (فكلمه شيخا فلا حنث في الأصح) لزوال الاسم كما في الحنطة، والثاني يحنث لبقاء الصورة، وإن تغيرت الصفة كما لو قال: لا آكل هذا اللحم فجعله شواء وأكله، أما إذا قصد الامتناع من أكل هذه الثمرة وكلام هذا الشخص فإنه يحنث، وإن تبدلت الصفة ويجري الخلاف في نظائر هذا كما لو قال: لا آكل من هذا البسر فصار رطبا، أو العنب فصار زبيبا، أو العصير فصار خمرا، أو هذه الخمر فصار خلا، أو لا آكل من لحم هذه السخلة أو الخروف فصار كبشا فذبحه وأكله أو لا أكلم هذا العبد فعتق.
تنبيه: قوله: شيخا يوهم أنه لو كلمه بالغا يحنث وليس مرادا، فلو عبر بالبالغ لدل على الشيخ من باب أولى،
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548